المقدمة التمهيدية
تطرح مسألة إثبات المستحقات المالية في عقود المقاولات بين الشركات في السعودية العديد من الإشكالات العملية، خصوصًا حين يكتمل تنفيذ الأعمال ويتأخر السداد، أو حين يكون الدليل الرئيس هو مخالصة نهائية موقعة بين الطرفين. هذا المقال يقدّم قراءة قانونية منهجية في حكم صادر عن المحكمة التجارية بجدة في القضية رقم 4471019587 لعام 1444هـ، والمتعلق بمطالبة مقاول (شركة لصناعات الألمنيوم) بمستحقات مالية متبقية في مواجهة شركة مقاولات. يهدف المقال إلى بيان كيفية تعامل القضاء التجاري مع المخالصة النهائية، ومفهوم الإقرار القضائي وفق نظام الإثبات، ودلالات ذلك على شركات المقاولات والموردين والملاك والمطورين العقاريين، مع إبراز الجوانب العملية التي تُستحسن مراعاتها عند إبرام العقود أو عند نشوء النزاع.
ماذا ستقرأ في هذا المقال؟
- الإطار النظامي لإثبات المستحقات المالية في عقود المقاولات في السعودية.
- عرض موجز لوقائع الحكم التجاري محل التحليل وطلبات الأطراف.
- القاعدة القضائية المستفادة من اعتماد المحكمة على المخالصة النهائية والإقرار القضائي.
- دلالات الحكم على ممارسات شركات المقاولات والموردين في السوق السعودي.
- خلاصة عملية وتوصيات، مع نص الحكم وبياناته الأساسية.
نبذة عن الكاتب
المحامي والمحكَّم محمد المزيّن، بخبرة تمتد لأكثر من خمسة عشر عامًا، متخصص في قضايا المقاولات والنزاعات الإنشائية والعقود الحكومية وعقود الامتياز التجاري. حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق من جامعة الملك سعود بالرياض عام 2009م، ويمتلك خبرة عملية واسعة من خلال عمله مع عدد من الشركات الوطنية الكبرى، منها مجموعة المجدوعي، وشركة بن زقر، وشركة الاستثمارات التعدينية المتحدة، وشركة الموارد المساهمة المدرجة، وشركة البترول الذهبي للاستثمار.
أولًا: ما الإطار النظامي لإثبات المستحقات المالية في عقود المقاولات في السعودية؟
تعد عقود المقاولات من العقود التجارية متى كانت بين تاجرين وبغرض تحقيق ربح، وبالتالي ينعقد الاختصاص بنظر منازعاتها للمحاكم التجارية، كما قررت المحكمة في هذا الحكم استنادًا إلى المادة (16) من نظام المحاكم التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/93) وتاريخ 15/08/1441هـ، والتي تقرر اختصاص المحاكم التجارية بمنازعات عقود المقاولات بين التجار.
أما من حيث الإثبات، فيخضع النزاع لنظام الإثبات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/43) وتاريخ 26/05/1443هـ، ومن أهم ما يهم شركات المقاولات والموردين في هذا السياق:
- أن الإقرار القضائي – وفق المادة (14/1) من نظام الإثبات – هو اعتراف الخصم أمام المحكمة بواقعة مدعى بها عليه أثناء السير في الدعوى، ويعد حجة قاطعة على المقر وفق المادة (17) من النظام، ولا يحتاج معه المدعي إلى بينة إضافية لإثبات الواقعة المقر بها.
- أن المحررات العرفية، ومنها المخالصة النهائية الموقعة من ممثل الشركة المختص والممهورة بختمها، تعد من أهم وسائل الإثبات في المنازعات التجارية، ما دامت صادرة ممن يملك الصلاحية النظامية بالتوقيع.
- أن العلاقة بين الطرفين في عقود المقاولات غالبًا ما تكون موثقة بعقد رئيسي، ثم أوامر تغييرية ومطالبات مرحلية، ثم تختتم أحيانًا بـ مخالصة نهائية تتضمن رصيد الحساب النهائي بين الطرفين، وقد تشمل – كما في هذه القضية – تعويضات عن خسائر أو أتعاب محاماة.
بناءً على ذلك، فإن إثبات المستحقات المالية في عقود المقاولات يعتمد في الغالب على مزيج من: العقد، والمستخلصات، والمراسلات، والتحويلات البنكية، والمخالصات الجزئية أو النهائية، والإقرارات القضائية أو الكتابية، وهو ما جسدته هذه السابقة القضائية بشكل واضح.
ثانيًا: ما وقائع السابقة القضائية محل التحليل؟ وما عناصرها الرئيسة؟
1. أطراف الدعوى وطبيعتها
- المدعية: شركة سعودية لصناعات الألمنيوم (مقاول/مورد أعمال ألمنيوم وزجاج).
- المدعى عليها: شركة مقاولات (شركة شخص واحد).
- نوع الدعوى: مطالبة بمستحقات مالية ناشئة عن عقد مقاولات (توريد وتنفيذ أعمال ألمنيوم وزجاج).
- المحكمة المختصة: المحكمة التجارية بجدة – الدائرة السابعة.
- رقم القضية: 4471019587 لعام 1444هـ.
- رقم الحكم: 4430906402 بتاريخ 4 ذو القعدة 1444هـ.
2. ملخص العلاقة التعاقدية
تعاقدت المدعية مع المدعى عليها على تنفيذ أعمال مقاولة عبارة عن مقاولة توريد لأعمال الألمنيوم والزجاج، بموجب عقد غير محدد المدة بدأ في 25/04/1440هـ (01/01/2019م)، وحدد لتسليم العمل تاريخ 09/03/1441هـ (06/11/2019م).
- قيمة العقد: (338,404) ريال.
- المدفوع: (251,178) ريال.
- المتبقي محل النزاع: (87,226) ريال.
- حالة المشروع: منفذ بالكامل وقت رفع الدعوى.
3. طلبات المدعية في أصل الدعوى
في لائحة الدعوى، طالبت المدعية بـ:
- إلزام المدعى عليها بسداد المبلغ المتبقي من قيمة العقد وقدره (87,226) ريال.
- التعويض عن أضرار التقاضي بمبلغ (20,000) ريال.
- التعويض عن أضرار في عقد المقاولات بمبلغ (20,000) ريال أخرى.
ثم قدمت لإثبات دعواها مخالصة نهائية بين الطرفين بتاريخ 17/02/1444هـ، موقعة ومختومة من المدعى عليها، تضمنت:
- مبلغ إجمالي قدره (261,678) ريال، على ثلاث دفعات.
- إدراج أضرار محاماة بمبلغ (73,420) ريال.
- وتعويض عن خسائر بمبلغ (30,000) ريال.
وعند استيضاح الدائرة عن بينة التعويضات الإضافية، قرر وكيل المدعية حصر دعواه في الطلب الأول فقط، وهو:
إلزام المدعى عليها بسداد (87,226) ريال المتبقية عن مستحقات عقد المقاولة.
4. رد المدعى عليها
تمثلت إجابة وكيل المدعى عليها في:
- الإقرار بوجود اتفاق في منصة “تراضي” على تقسيط المبلغ الأخير في المخالصة وقدره (87,226) ريال.
- الإشارة إلى أن المصلِح كان في انتظار حضور المدعية لكنها لم تتجاوب، ثم رفعت المدعية الدعوى.
هذا الرد تضمن في مضمونه اعترافًا صريحًا بوجود المبلغ محل المطالبة كرصيد مستحق للمدعية، مع خلاف في آلية السداد وتسوية النزاع.
5. مسار المرافعة
- عُقدت جلسة مرئية بتاريخ 27/10/1444هـ.
- حصر وكيل المدعية طلبه في المبلغ المتبقي فقط.
- أقر وكيل المدعى عليها ضمنًا بالمبلغ من خلال حديثه عن الاتفاق في منصة “تراضي” على تقسيطه.
- قررت الدائرة صلاحية القضية للحكم وقفل باب المرافعة.
ثالثًا: ماذا قررت المحكمة؟ وما القاعدة القضائية المستفادة؟
1. الأساس النظامي للحكم
استندت المحكمة في حكمها إلى ما يلي:
- اختصاص المحكمة التجارية:
- بما أن النزاع ناشئ عن عقد مقاولات بين تاجرين، فقد قررت الدائرة اختصاصها استنادًا للمادة (16) من نظام المحاكم التجارية.
- حجية المخالصة النهائية والإقرار القضائي:
- اعتبرت المحكمة المخالصة النهائية المقدمة من المدعية محررًا عرفيًا ممهورًا بختم المدعى عليها، صادراً ممن هو مخول بالتوقيع، ومتصلاً بالعلاقة التعاقدية محل النزاع.
- اعتدت المحكمة بإقرار وكيل المدعى عليها بالمبلغ خلال الجلسة، وطبقت:
- الفقرة (1) من المادة (14) من نظام الإثبات التي تُعرِّف الإقرار القضائي بأنه: اعتراف الخصم أمام المحكمة بواقعة مدعى بها عليه أثناء السير في الدعوى.
- المادة (17) من النظام التي تقرر أن الإقرار القضائي حجة قاطعة على المقر وقاصرة عليه.
- سلامة أساس التعاقد:
- أكدت الدائرة أن أساس التعاقد شرعي صحيح، وأن المدعية نفذت الأعمال، وأن ما تبقى هو رصيد مالي مثبت بمخالصة نهائية وإقرار قضائي.
2. منطوق الحكم
قررت الدائرة ما يلي:
إلزام المدعى عليها شركة (…) للمقاولات – شركة شخص واحد – بأن تدفع للمدعية الشركة السعودية لصناعات الألمنيوم (…) مبلغًا قدره (87,226) سبعة وثمانون ألفًا ومئتان وستة وعشرون ريالًا.
ولم يتضمن الحكم – في صيغته المنقولة – ما يفيد الفصل في طلبات التعويض الأخرى بعد حصر المدعية لدعواها في المطالبة بالمبلغ المتبقي فقط.
القاعدة القضائية المستفادة من الحكم
يمكن تلخيص القاعدة القضائية التي يستفاد منها لهذا النوع من المنازعات في الآتي:
المخالصة النهائية الموقعة من الشركة، إذا جاءت صريحة في تحديد رصيد المستحقات، وتم تعزيزها بإقرار قضائي صادر عن ممثل الشركة أمام المحكمة، تعد بينة قاطعة على ثبوت المبلغ لصالح المقاول، ويترتب عليها إلزام المدين بالسداد دون حاجة لبينة إضافية، ما دام التعاقد صحيحًا ولم يثبت ما يبطله أو يعدّله.
هذه القاعدة ذات أهمية عالية لشركات المقاولات والموردين الذين يعتمدون على المخالصات النهائية في تصفية مستحقاتهم، وللشركات المالكة التي تتعامل مع أكثر من مقاول من الباطن وتحتاج لتوثيق نهائي للذمم المتبادلة.
رابعًا: ما دلالات هذا الحكم لعملاء المكتب؟ وكيف يمكن الاستفادة منه عمليًّا؟
1. أهمية المخالصة النهائية كأداة إثبات
يُظهر هذا الحكم أن المخالصة النهائية ليست مجرد إجراء إداري روتيني، بل هي أداة قانونية قوية يمكن أن تحسم النزاع لصالح أحد الطرفين عند وجود خلاف حول المستحقات. وعليه:
- يُستحسن للشركات والمقاولين والموردين أن يحرصوا على:
- صياغة المخالصة بصياغة واضحة تحدد قيمة المستحقات النهائية بصورة لا تحتمل اللبس.
- توقيعها من ممثل قانوني مخوّل بالتوقيع عن الشركة.
- ختمها بختم الشركة، وربطها بالعقد الأصلي ورقم المشروع أو العملية موضوع التعامل.
2. الإقرار القضائي ومسؤولية ممثل الشركة
إقرار وكيل المدعى عليها أمام المحكمة بوجود اتفاق على تقسيط المبلغ المتبقي كان له أثر حاسم، إذ اعتبرته المحكمة إقرارًا قضائيًا بالمبلغ ذاته. وهذا يحمّل:
- ممثلي الشركات أمام القضاء مسؤولية كبيرة عند عرض مواقفهم؛ فالإقرار القضائي لا يمكن الرجوع عنه بسهولة، ويعد حجة قاطعة عليهم.
- ويُستحسن أن تتم مراجعة الموقف المالي والقانوني بدقة قبل المثول أمام المحكمة، وأن يتم إعداد الدفاع بشكل مهني متكامل.
3. إدارة النزاع والصلح عبر منصة “تراضي”
رغم أن الأطراف حاولوا تسوية النزاع عبر منصة “تراضي”، إلا أن عدم استكمال إجراءات الصلح أدى إلى استمرار النزاع ورفعه للمحكمة.
وهنا تظهر أهمية:
- توثيق ما يجري في مسارات الصلح،
- وإدارة التفاوض والصلح بطريقة تضمن عدم تضارب المواقف بين ما يعرض في التسوية وبين ما يقدم أمام المحكمة،
- والاستعانة بمستشار قانوني أثناء التفاوض، وليس بعد فشل التسوية.
4. الدروس العملية لشركات المقاولات والموردين
من الناحية العملية، يمكن استخلاص ما يلي:
- الحرص على توثيق جميع المدفوعات والمستخلصات، والاحتفاظ بسجل واضح لحساب المشروع.
- عدم التسرع في توقيع مخالصة نهائية قبل التأكد من شمولها لجميع المستحقات، بما في ذلك التعويضات المتفق عليها إن وجدت.
- استخدام لغة واضحة في المخالصة تبين إن كانت نهائية وشاملة لجميع المطالبات، أو مقصورة على مستخلص أو فترة معينة فقط.
- مراجعة أثر كل بند في المخالصة أو أي تسوية قبل التوقيع، خاصة ما يتعلق بالتنازل عن مطالبات أو التعويضات.
خدمات مكتب المحكَّم والمحامي محمد المزيّن في منازعات المقاولات وإثبات المستحقات
يقدّم مكتب المحكَّم والمحامي محمد المزيّن مجموعة من الخدمات المتخصصة ذات الصلة بموضوع هذا الحكم، من بينها:
- صياغة ومراجعة عقود المقاولات ومقاولات الباطن بما يضمن وضوح آليات الدفع والمستخلصات والمخالصات النهائية.
- إعداد وصياغة المخالصات النهائية واتفاقات التسوية بين الشركات بطريقة قانونية تحفظ الحقوق وتقلل مخاطر المنازعات المستقبلية.
- تقديم الاستشارات القانونية السابقة على رفع الدعوى أو الدخول في تحكيم أو صلح فيما يتعلق بمستحقات المقاولين والموردين.
- تمثيل الشركات أمام المحاكم التجارية وهيئات التحكيم في منازعات المقاولات والمستحقات المالية والتعويضات عن التأخير أو الإخلال.
- إدارة التفاوض على تسويات منظمة تسهم في تخفيض المخاطر القانونية والمالية، مع مراعاة الاتجاهات القضائية الحديثة في السعودية.
يمكن للشركات العاملة في قطاع المقاولات والإنشاءات والمشاريع – سواء كانت سعودية أو خليجية تعمل داخل المملكة – الاستفادة من خبرة المكتب في بناء استراتيجيات قانونية ملائمة قبل وأثناء النزاع.
الاستشارة القانونية
للحصول على استشارة قانونية متخصصة حول إثبات المستحقات المالية في عقود المقاولات، أو لمراجعة موقفكم النظامي قبل الإقدام على أي خطوة تتعلق برفع دعوى، أو الدخول في تسوية، أو توقيع مخالصة نهائية، يمكنكم التواصل مع مكتب المحكَّم والمحامي محمد المزيّن؛ لدراسة الحالة واقتراح المسار الأنسب في ضوء الأنظمة السعودية والاتجاهات القضائية ذات الصلة.
الأسئلة الشائعة (FAQ)
1. هل تكفي المخالصة النهائية وحدها لإثبات مستحقات المقاول؟
إذا كانت المخالصة النهائية صريحة في تحديد المبلغ، وموقعة من ممثل الشركة المختص وممهورة بختمها، فإنها تعد في الغالب بينة قوية قد تكفي وحدها لإثبات المستحقات، خاصة إذا عززها إقرار قضائي من المدعى عليه أمام المحكمة.
2. ما أثر الإقرار القضائي الصادر من ممثل الشركة أمام المحكمة؟
الإقرار القضائي – وفق نظام الإثبات – حجة قاطعة على المقر، ولا يحتاج معه الخصم إلى إثبات إضافي للواقعة المقر بها، ما لم يثبت وقوع الإقرار نتيجة غلط جوهري أو تدليس أو ما في حكمه وفق ضوابط النظام.
3. هل يمكن الرجوع عن المخالصة النهائية بعد توقيعها؟
الأصل أن المخالصة النهائية ملزمة للطرفين، ولا يُلتفت لمحاولة الرجوع عنها إلا في نطاق ضيق، كإثبات وجود غش أو تدليس أو خطأ جوهري، أو إثبات أن التوقيع صدر من غير ذي صفة. لذلك يُنصح دومًا بمراجعتها قانونيًا قبل التوقيع.
4. متى يكون اللجوء للتحكيم مناسبًا في منازعات المقاولات؟
يكون التحكيم خيارًا مناسبًا في العقود الكبيرة أو متعددة الأطراف أو ذات الطبيعة الفنية المعقدة، خاصة عندما يرغب الطرفان في سرعة الفصل في النزاع وسرية الإجراءات، شريطة تضمين شرط تحكيم واضح ومتوازن في العقد.
5. متى يُنصح بطلب استشارة قانونية متخصصة في منازعات المستحقات؟
يُستحسن طلب الاستشارة القانونية عند: تأخر السداد، أو بروز خلاف حول المستخلصات، أو عند تلقي مسودة مخالصة نهائية أو عرض تسوية، أو قبل التوجه لمنصة “تراضي” أو للمحكمة أو للتحكيم، لتقدير الموقف النظامي بدقة.
نص الحكم وبياناته
1. بيانات الحكم الأساسية
- المحكمة: المحكمة التجارية بجدة – الدائرة السابعة.
- رقم القضية: 4471019587 لعام 1444هـ.
- رقم الحكم: 4430906402.
- تاريخ الحكم: 4 ذو القعدة 1444هـ.
- نوع الدعوى: مطالبة بمستحقات مالية ناشئة عن عقد مقاولات (توريد وتنفيذ أعمال ألمنيوم وزجاج).
- المدعية: الشركة السعودية لصناعات الألمنيوم (…).
- المدعى عليها: شركة (…) للمقاولات – شركة شخص واحد.
- قيمة المطالبة النهائية بعد حصر الطلبات: (87,226) ريال.
2. ملخص موسع لنص الحكم
- بيّنت المحكمة أن المدعية تعاقدت مع المدعى عليها على تنفيذ أعمال مقاولة توريد ألمنيوم وزجاج بقيمة إجمالية قدرها (338,404) ريال، تم سداد (251,178) ريال منها، وبقي مبلغ (87,226) ريال محل النزاع.
- قدمت المدعية مخالصة نهائية موقعة ومختومة من المدعى عليها، تضمنت تسوية حسابية للمبالغ بين الطرفين، بينت فيها قيمة المبلغ المتبقي وآلية دفعه.
- كان المدعية قد طلبت في الأصل تعويضات إضافية عن أضرار التقاضي وأضرار عقد المقاولة، إلا أن وكيلها حصر الدعوى في طلب إلزام المدعى عليها بسداد المبلغ المتبقي فقط.
- أقر وكيل المدعى عليها بوجود اتفاق في منصة “تراضي” على تقسيم المبلغ الأخير في المخالصة (87,226 ريال)، وأن الصلح لم يكتمل لعدم حضور المدعية.
- طبقت المحكمة المادة (16) من نظام المحاكم التجارية لتقرير اختصاصها، والمادتين (14/1) و(17) من نظام الإثبات لاعتبار ما صدر من وكيل المدعى عليها إقرارًا قضائيًا حجة قاطعة عليه.
- خلصت المحكمة إلى ثبوت المبلغ المدعى به لصالح المدعية، وأصدرت حكمها بإلزام المدعى عليها بسداد (87,226) ريال.
(لم يرد في النص المنقول ما يفيد وجود طعن أو استئناف على الحكم).
الخاتمة
يتضح من هذا الحكم أن القضاء التجاري السعودي يتجه إلى إعلاء حجية المخالصة النهائية والإقرار القضائي في إثبات المستحقات المالية في عقود المقاولات، متى كانت المخالصة صريحة وصحيحة من حيث الصفة والتوقيع والختم. الرسالة العملية للشركات ومقاولي الباطن والموردين أن التوثيق الصحيح للعلاقة التعاقدية، وإدارة المخالصات والتسويات بعناية، يمكن أن يختصر مسار النزاع القضائي ويعزّز فرص كسب الدعوى. ويُستحسن قبل توقيع أي مخالصة نهائية أو قبل المثول أمام المحكمة مراجعة الموقف قانونيًا مع مختص؛ لتفادي إقرار غير محسوب أو تنازل غير مقصود عن حقوق مالية جوهرية.
مقالات ذات صلة
- مقال بعنوان: [[صياغة عقود المقاولات في السعودية وضبط آليات السداد والمستخلصات]]
- مقال بعنوان: [[التحكيم في منازعات المقاولات والإنشاءات في النظام السعودي]]
- مقال بعنوان: [[إدارة مخاطر التأخير في مشروعات المقاولات وفق الأنظمة السعودية]]
ملخّص تعريفي
يتناول هذا المقال موضوع إثبات المستحقات المالية في عقود المقاولات في النظام السعودي من خلال تحليل حكم للمحكمة التجارية بجدة في القضية رقم 4471019587 لعام 1444هـ بشأن مطالبة مقاول بمبلغ متبقٍ ثابت في مخالصة نهائية. يوضح المقال، بصياغة مهنية باسم المحكَّم والمحامي محمد المزيّن، حجية المخالصة النهائية والإقرار القضائي وفق نظام الإثبات، والقاعدة القضائية المستفادة، مع إبراز الدلالات العملية لشركات المقاولات والموردين في السوق السعودي.

