المقدمة التمهيدية
يعد تصحيح الأحكام القضائية في ناجز من أهم الخدمات العدلية الإلكترونية التي تتيحها وزارة العدل بهدف معالجة الأخطاء المادية والكتابية التي قد تطرأ على منطوق الحكم أو بياناته، دون أن يمس ذلك جوهر الحكم أو ما استقر عليه القاضي. وتزداد الحاجة إلى هذه الخدمة مع توسع التعاملات القضائية وتعدد القضايا، الأمر الذي يستدعي وجود آلية واضحة وميسرة تضمن سلامة الأحكام ودقتها. وفي هذا المقال سنسلط الضوء على مفهوم تصحيح الحكم، وشروطه، وطريقة تقديم الطلب عبر ناجز، إضافة إلى بيان العلاقة بين هذا الإجراء وبين قاعدة فقهية أصيلة هي قاعدة: لا عبرة بالظن البين خطؤه، وبيان كيفية الاستفادة منها في فهم مشروعية هذا النوع من الإجراءات القضائية.
ماذا ستقرأ في هذا المقال؟
- تعريف خدمة تصحيح الأحكام القضائية والفرق بينها وبين الاستئناف أو الاعتراض.
- خطوات تقديم طلب تصحيح حكم عبر ناجز وفق الإجراءات النظامية.
- شروط قبول الطلب، والحالات التي يُرفض فيها.
- العلاقة بين تصحيح الحكم وقاعدة: لا عبرة بالظن البين خطؤه.
- إجابات عن أبرز الأسئلة الشائعة المتعلقة بتصحيح الأحكام.
نبذة عن الكاتب
المحامي والمحكَّم محمد المزيّن، بخبرة تمتد لأكثر من خمسة عشر عامًا، متخصص في قضايا المقاولات والنزاعات الإنشائية والعقود الحكومية وعقود الامتياز التجاري. حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق من جامعة الملك سعود بالرياض عام 2009م، ويمتلك خبرة عملية واسعة من خلال عمله مع عدد من الشركات الوطنية الكبرى، منها مجموعة المجدوعي، وشركة بن زقر، وشركة الاستثمارات التعدينية المتحدة، وشركة الموارد المساهمة المدرجة، وشركة البترول الذهبي للاستثمار.
المحاور بصيغة سؤال وجواب
ما المقصود بخدمة تصحيح الأحكام القضائية؟
تصحيح الأحكام القضائية هو إجراء نظامي يُقصد به تعديل الأخطاء المادية أو الكتابية أو الحسابية التي تقع في الحكم القضائي عند تحريره أو طباعته أو إدخال بياناته في النظام الإلكتروني. ويشمل ذلك الأخطاء المتعلقة بالأسماء، والأرقام، والمبالغ، والتواريخ، أو أي خطأ لا يمس جوهر الحكم ولا يؤثر على مضمونه القضائي.
ولا تعد هذه الخدمة طريقًا للطعن في الحكم أو إعادة نظره، بل هي خدمة تهدف إلى إزالة اللبس وتحقيق الدقة في الصياغة والتوثيق، مع الإبقاء على ما انتهى إليه القاضي من مضمون شرعي ونظامي.
ما الفرق بين تصحيح الحكم وتفسير الحكم؟
التصحيح يعالج الأخطاء المادية البحتة، بينما التفسير يُطلب عندما يكون منطوق الحكم مبهماً أو يحتمل أكثر من فهم، فيصدر القاضي قرارًا مكمّلاً يوضح المقصود بعبارات الحكم دون المساس بمضمونه.
ما الفرق بين طلب تصحيح الحكم وبين الاستئناف أو الاعتراض؟
من المهم التفريق بين الإجراءات الثلاثة، لأن كثيرًا من المتقاضين يخلطون بينها:
- تصحيح الحكم: خاص بالأخطاء المادية فقط، ولا يمس جوهر الحكم.
- الاستئناف: يقدّم على الحكم إذا كان هناك خطأ في التطبيق أو التكييف أو تقدير البينات.
- الاعتراض أو النقض: يتعلق بالأحكام النهائية أو ما شابها من أخطاء مؤثرة في بنيتها القانونية.
وبالتالي، فإن طلب تصحيح الحكم ليس وسيلة للطعن في الحكم، بل هو أداة لضبط صيغته فقط.
كيف يتم تصحيح الأحكام القضائية عبر ناجز؟
تتيح وزارة العدل خدمة إلكترونية مباشرة لتقديم الطلب، وذلك عبر الخطوات التالية:
- الدخول على بوابة ناجز باستخدام النفاذ الوطني.
- اختيار الخدمات الإلكترونية، ثم اختيار باقة “القضاء”.
- اختيار خدمة “طلب تصحيح الحكم أو تفسيره”.
- تحديد القضية المراد تصحيح حكمها.
- إرفاق المستندات الداعمة لشرح الخطأ المطلوب تصحيحه.
- توضيح نوع الخطأ، ووجه التصحيح المطلوب.
- تقديم الطلب وانتظار إحالته للدائرة القضائية المختصة.
- يصدر القاضي قرارًا إما بقبول التصحيح أو برفضه مع بيان الأسباب.
ويمتاز النظام بدعم المتقاضين وتنظيم الإجراءات دون الحاجة إلى مراجعة المحكمة إلا إذا طلب القاضي ذلك.
ما هي شروط قبول طلب تصحيح الأحكام القضائية؟
أقرت الأنظمة السعودية عدة ضوابط يجب توفرها حتى يُقبل التصحيح، من أبرزها:
- أن يكون الخطأ ماديًا أو حسابيًا أو كتابيًا.
- ألا يؤدي التصحيح إلى تغيير مضمون الحكم أو منطوقه الجوهري.
- أن يكون مقدم الطلب صاحب صفة ومصلحة في التصحيح.
- أن يكون الحكم قد صدر فعلاً وثبتت صياغته.
- ألا يُستخدم التصحيح كبديل عن الاستئناف أو الاعتراض.
وتلتزم الدائرة القضائية بالنظر في طلب التصحيح خلال مدة وجيزة، لضمان سرعة استقرار الحكم وتطبيقه.
استشارة قانونية
للحصول على استشارة قانونية متخصصة في قضايا الشركات أو النزاعات التجارية أو إعداد طلبات تصحيح الأحكام، يمكنك التواصل مع مكتب المحامي محمد المزيّن للحصول على رأي نظامي دقيق يساعدك في اختيار الإجراء المناسب لحالتك.
ما العلاقة بين تصحيح الأحكام القضائية وقاعدة: لا عبرة بالظن البين خطؤه؟
تعد قاعدة “لا عبرة بالظن البين خطؤه” إحدى القواعد الفقهية المعتبرة التي تؤكد أن الخطأ الظاهر إذا تبين يقينًا فلا يُعتد به ولا يُبنى عليه حكم. ويتسق هذا المفهوم مع تصحيح الأحكام القضائية، إذ إن الخطأ المادي الذي يظهر بوضوح — كرقم غير صحيح، أو اسم محرّف، أو مبلغ غير مطابق — هو من قبيل الظن الذي بان خطؤه، وبالتالي يجب تصحيحه لإزالة اللبس وتحقيق العدل.
ولا يتعارض ذلك مع مبدأ استقرار الأحكام، لأن التصحيح لا يمس جوهر الحكم ولا يعيد نظر القضية، وإنما يهدف إلى تنقية النص من الأخطاء وتحقيق دقة التنفيذ. ويعد هذا الجانب امتدادًا للمقصد الشرعي في صيانة الأحكام القضائية من الخلل المادي الذي قد يؤدي إلى إضرار أحد الخصوم.
الأسئلة الشائعة (FAQ)
هل يمكن تصحيح الحكم بعد أن يصبح نهائيًا؟
نعم، إذا كان الخطأ ماديًا بحتًا ولا يغير مضمون الحكم، يجوز تصحيحه حتى لو كان الحكم نهائيًا.
هل يمكنني تعديل مبلغ الحكم عبر التصحيح؟
يُعد ذلك من الأخطاء المادية إذا كان المبلغ مكتوبًا خطأً، أما إذا كان الاعتراض على أصل التقدير فيقدّم من خلال الاستئناف.
هل يحق للمحكمة رفض طلب التصحيح؟
نعم، إذا تبين أن الطلب يهدف إلى تعديل جوهر الحكم أو إعادة نظر القضية.
هل أحتاج محاميًا لتقديم طلب التصحيح؟
لا يشترط ذلك، لكن وجود محامٍ يساعد في توضيح وجه الخطأ وتقديم الطلب بصورة دقيقة ترفع فرص قبوله.
هل يختلف تصحيح الحكم عن تفسيره؟
نعم، فالتفسير يوضح عبارة غامضة، أما التصحيح فيعالج خطأ ماديًا ظاهرًا.
الخاتمة
يمثل تصحيح الأحكام القضائية في ناجز إحدى الأدوات العدلية الحديثة التي تضمن جودة الأحكام القضائية ودقتها، دون المساس بالمحتوى القضائي الذي انتهت إليه المحكمة. وتأتي هذه الخدمة في سياق تعزيز كفاءة القضاء وضمان عدم الإضرار بالمتقاضين بسبب خطأ مادي يمكن إصلاحه بسهولة. كما أن استحضار القاعدة الفقهية: لا عبرة بالظن البين خطؤه، يبرز الأساس الشرعي الذي يدعم هذا الإجراء، ويجعل من التصحيح جزءًا من عدالة القضاء لا خروجًا عنها.
مقال ذو صلة
مقال بعنوان:
دليل الاستشارات القانونية في السعودية: خبرة عملية من مكتب محمد المزيّن للمحاماة

