المقدمة التمهيدية
ماذا ستقرأ في هذا المقال؟
- الإطار النظامي لـ دعوى التعويض عن أتعاب المحاماة في السعودية.
- عرض موجز لوقائع الدعوى التجارية بين شركتين حول المطالبة بأتعاب المحاماة في دعوى سابقة.
- تحليل لحيثيات الحكم التجاري وأسباب تقدير التعويض بنسبة (10%) من المبلغ المحكوم به.
- القاعدة القضائية المستفادة ودلالاتها العملية على سياسات التقاضي لدى الشركات.
- نص الحكم وبياناته مع خلاصة تطبيقية تفيد الشركات العاملة في السوق السعودي.
نبذة عن الكاتب
المحامي والمحكَّم محمد المزيّن، بخبرة تمتد لأكثر من خمسة عشر عامًا، متخصص في قضايا المقاولات والنزاعات الإنشائية والعقود الحكومية وعقود الامتياز التجاري. حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق من جامعة الملك سعود بالرياض عام 2009م، ويمتلك خبرة عملية واسعة من خلال عمله مع عدد من الشركات الوطنية الكبرى، منها مجموعة المجدوعي، وشركة بن زقر، وشركة الاستثمارات التعدينية المتحدة، وشركة الموارد المساهمة المدرجة، وشركة البترول الذهبي للاستثمار.
السؤال الأول: ما الإطار النظامي لدعوى التعويض عن أتعاب المحاماة في السعودية؟
تقوم دعوى التعويض عن أتعاب المحاماة في النظام السعودي على قواعد عامة في الضمان والتعويض، وعلى ما استقر عليه العمل القضائي في المحاكم التجارية، ويمكن تلخيص الإطار النظامي في النقاط الآتية:
1. الأساس الفقهي للضمان والتعويض
يستند القضاء إلى القواعد المقررة في الفقه الإسلامي، والتي تجعل الضمان مترتبًا على توافر ثلاثة أركان:
- تعدي المدعى عليه أو تفريطه،
- وقوع ضرر فعلي على المدعي،
- وجود رابطة سببية بين التعدي والضرر.
وبالقياس على ذلك، فإن تكبّد صاحب الحق لمصاريف تقاضٍ على وجهٍ معتاد بسبب ممانعة غير مبررة من خصمه، يُعد ضررًا قابلًا للتعويض.
2. مبدأ إلجاء صاحب الحق إلى التقاضي
أشارت الدائرة التجارية في الحكم محل التحليل إلى ما نص عليه أهل العلم، ومنه ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في “الاختيارات”:
«ومن مطل صاحب الحق حقه حتى أحوجه إلى الشكاية، فما غرمه بسبب ذلك فهو على الظالم المبطل إذا كان غرمه على الوجه المعتاد».
كما استندت إلى فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله – في التفريق بين من يخاصم وهو يعلم بظلمه وعدوانه فيتحمل النفقات، وبين من يخاصم ظانًّا أن الحق معه أو يحتمل ذلك، فلا يلزم في هذه الحالة بمصاريف إضافية.
3. استقرار العمل القضائي على نسبة تقريبية للتعويض
بيّن الحكم أن العمل قد استقر في دعاوى التعويض عن أتعاب المحاماة أمام المحكمة التجارية على تقدير أتعاب الترافع بنسبة تقارب (10%) من المبلغ المحكوم به في الدعوى الأصلية، وذلك متى ثبت:
- أن المدعى عليه ألجأ خصمه إلى التقاضي لتحصيل حقه،
- وأن ما أنفقه المدعي من أتعاب كان في حدود “الوجه المعتاد”.
4. معيار المعقولية في تقدير التعويض
قررت المحكمة أن تقدير مبلغ التعويض في دعوى أتعاب المحاماة يخضع لمعيار:
“المعقول والمناسب بما يجبر ضرر المحكوم له عما تكبده من أتعاب في سبيل الدفع عن نفسه أو استخلاص حقه”.
وهذا يترك للمحكمة سلطة تقديرية في تقدير التعويض المناسب، مع الاستئناس بالعقود المبرمة بين الموكل ومحاميه وبالمستندات البنكية المؤيدة للسداد.
السؤال الثاني: ما وقائع دعوى التعويض عن أتعاب المحاماة محل هذه السابقة القضائية؟
1. طبيعة الدعوى والجهة القضائية
نوع الدعوى: دعوى تعويض عن أتعاب المحاماة (مصاريف التقاضي) ناشئة عن دعوى تجارية سابقة.
المحكمة: المحكمة التجارية – الدائرة التجارية الرابعة.
المدينة: الرياض.
رقم القضية: 4470506588 لعام 1444هـ.
رقم الحكم: 4430964682.
تاريخ الحكم: 23 ذو القعدة 1444هـ.
2. الخلفية: الدعوى التجارية الأصلية
كانت المدعية قد أقامت سابقًا دعوى تجارية أمام المحكمة التجارية بالدمام برقم (439480710) وتاريخ 07/11/1443هـ ضد المدعى عليها. موضوع تلك الدعوى كان المطالبة بثمن ما وردته المدعية للمدعى عليها من أجهزة كهربائية، بمبلغ قدره (497,496) ريال. صدر حكم لصالح المدعية بموجب الصك رقم 433979305 وتاريخ 16/01/1444هـ بإلزام المدعى عليها بالمبلغ المطالب به، وتم تأييد الحكم من محكمة الاستئناف بموجب الصك رقم 4430102207 وتاريخ 02/03/1444هـ، فأصبح الحكم نهائيًّا في مواجهة المدعى عليها.
3. نشوء دعوى التعويض عن أتعاب المحاماة
بعد انتهاء الدعوى الأصلية لصالح المدعية، تقدمت بدعوى جديدة أمام المحكمة التجارية بالرياض، أسستها على ما يلي:
- أنها اضطرت إلى التعاقد مع مكتب محاماة للتقاضي ضد المدعى عليها في الدعوى الأصلية، بموجب عقد أتعاب محاماة رقم 04/43 وتاريخ 16/06/1443هـ.
- أن قيمة أتعاب المحاماة المتفق عليها والمسددة لمكتب المحاماة بلغت (57,500) ريال.
- قدمت المدعية عقد الأتعاب وكشف الحوالات البنكية التي تثبت سداد المبلغ، وطلبت الحكم لها بهذا المبلغ تعويضًا عن مصاريف التقاضي التي تحملتها بسبب ممانعة المدعى عليها.
4. دفوع المدعى عليها في مواجهة الدعوى
قدمت المدعى عليها مذكرة بدفاعها تضمنت عدة دفوع، من أبرزها:
- عدم توافر شروط التعويض:
ذكرت أن المدعية لم تثبت توافر أركان الضمان (التعدي، الضرر، العلاقة السببية)، وأوضحت أن ما حدث بين الطرفين خلاف محاسبي، ولا يدل على تعمد المدعى عليها الإضرار بالمدعية أو التعدي على حقها. - الاستناد إلى الفتاوى الشرعية:
استندت إلى فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم التي تفرّق بين من يعلم بظلمه في الخصومة ومن يخاصم ظانًّا أن الحق معه، وخلصت إلى أن موكلتها ليست بمنزلة الظالم المتعمد، فلا تُلزم بنفقات خصمها. - المنازعة في الحوالات المالية:
دفعت بأن الحوالات البنكية التي قدمتها المدعية لا تثبت أن هذه المبالغ سُددت تحديدًا عن الدعوى المرفوعة ضد المدعى عليها. - المبالغة في تقدير أتعاب المحاماة:
اعتبرت أن مبلغ (57,500) ريال يتجاوز ما هو متعارف عليه في تقدير أتعاب المحامين، وأنه يزيد على نسبة (10%) من قيمة المطالبة، خلافًا لما استقر عليه العمل وما يعد معقولًا في هذا الباب.
السؤال الثالث: ماذا قررت المحكمة في دعوى التعويض عن أتعاب المحاماة؟ وما القاعدة القضائية المستفادة؟
1. تسبيب المحكمة ومنهجها في نظر الدعوى
اعتمدت المحكمة التجارية في حكمها على جملة من المبادئ، من أهمها:
1) مناط النظر في دعاوى أتعاب الترافع
قررت الدائرة أن الأصل في دعوى التعويض عن أتعاب المحاماة هو التحقق من:
- ما إذا كان أحد طرفي العلاقة التعاقدية قد ألجأ الطرف الآخر إلى التقاضي.
- وما إذا كانت المصاريف التي غرِمها المدعي قد أُنفقت في حدود “الوجه المعتاد” للتحصيل القضائي.
2) الاستناد إلى القواعد الشرعية والاتجاهات القضائية
استدلت المحكمة بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في شأن من “مطل صاحب الحق حقه حتى أحوجه إلى الشكاية”، وأن ما غرمه صاحب الحق يكون على الظالم المبطل إذا كان على الوجه المعتاد. كما استحضرت فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم في التفريق بين من يتعمد الظلم وبين من يخاصم ظانًّا أن الحق معه، مع مواءمة ذلك على وقائع النزاع.
وبالنظر إلى أن المدعية:
- رفعت دعوى أصلية،
- وحصلت على حكم ابتدائي لصالحها،
- وتم تأييد الحكم استئنافياً،
فإن ذلك شكّل قرينة على أن المدعى عليها لم تسدد التزامها إلا بعد إلجاء خصمها إلى التقاضي.
3) تقدير أتعاب المحاماة وفق المعقول والمناسب
قررت الدائرة أن تقدير أتعاب المحاماة يخضع للمعيار التالي:
“المعقول والمناسب بما يجبر ضرر المحكوم له عما تكبده من أتعاب في سبيل الدفع عن نفسه أو استخلاص حقه”.
ثم انتهت إلى أن العمل قد استقر أمامها في مثل هذه الدعاوى على تقدير الأتعاب بنسبة (10%) من المبلغ المحكوم به في الدعوى الأصلية، بصرف النظر عن المبلغ الوارد في عقد الأتعاب متى كان أعلى من ذلك.
2. منطوق الحكم ونتيجته العملية
– حكمت الدائرة بإلزام المدعى عليها بدفع مبلغ يعادل (10%) من المبلغ المحكوم به في الدعوى الأصلية وقدره (497,496) ريال.
– حُدّد مبلغ التعويض عن أتعاب المحاماة بمقدار (49,749.60) ريال (تسعة وأربعون ألفًا وسبعمائة وتسعة وأربعون ريالاً وستون هللة).
– صدر الحكم بإلزام المدعى عليها شركة (…) بأن تدفع للمدعية شركة (…) المساهمة المقفلة هذا المبلغ تعويضًا عن أتعاب المحاماة ومصاريف التقاضي.
القاعدة القضائية المستفادة من الحكم
يمكن صياغة القاعدة القضائية المستفادة من هذه السابقة على النحو الآتي:
دعوى التعويض عن أتعاب المحاماة تُقبل أمام المحكمة التجارية إذا ثبت أن المدعى عليه ألجأ خصمه إلى التقاضي لتحصيل حق ثابت، وأن المدعي تكبد أتعاب محاماة على الوجه المعتاد، ويجوز للمحكمة – في ضوء ما استقر عليه العمل – تقدير هذا التعويض بنسبة تقارب (10%) من المبلغ المحكوم به في الدعوى الأصلية، دون التزام كامل بعقد الأتعاب إذا جاوز حدود المعقول.
السؤال الرابع: ما دلالات هذا الحكم لعملاء المكتب؟ وكيف يمكن الاستفادة منه عمليًّا؟
تقدم هذه السابقة رسائل عملية مهمة لعملاء المكتب من الشركات والمستثمرين، من أبرزها:
1) التقاضي ليس بلا تكلفة إضافية على الطرف المتعنت
الشركة التي ترفض سداد مديونية واضحة، أو تستمر في النزاع رغم وضوح المركز النظامي لخصمها، قد تواجه ليس فقط الحكم بأصل المبلغ، بل كذلك قبول دعوى تعويض عن أتعاب المحاماة لصالح خصمها. هذا يعني زيادة الكلفة النهائية للنزاع، بما يستدعي إعادة تقييم قرار الإصرار على الخصومة في ضوء احتمالات الحكم بالتعويض عن مصاريف التقاضي.
2) إدخال أتعاب المحاماة في حسابات نموذج المخاطر
بالنسبة للدائن، تؤكد هذه السابقة أن أتعاب المحاماة يمكن أن تكون محل تعويض جزئي عند توافر شروط دعوى التعويض عن أتعاب المحاماة. عمليًّا، يمكن للشركات أن تحتسب في خطتها القانونية احتمالية استرداد جزء من تكاليف التقاضي، لا سيما في الدعاوى ذات المبالغ الكبيرة التي تستدعي توكيل مكاتب محاماة متخصصة.
3) أهمية توثيق العلاقة مع مكتب المحاماة
وجود عقد أتعاب مُحدد رقمًا وتاريخًا، إلى جانب حوالات بنكية تثبت السداد، كان عنصرًا مهمًا في دعم الدعوى. يُنصح بأن تُبرم الشركات عقود أتعاب محاماة مكتوبة وواضحة، تُبيّن موضوع العمل ونطاقه، وقيمة الأتعاب أو نسبة احتسابها، بما يسهّل الاستناد إليها في حال رفع دعوى تعويض عن أتعاب المحاماة لاحقًا.
4) فهم حدود نسبة (10%) كمعيار استرشادي
نسبة (10%) ليست نصًّا نظاميًّا، لكنها معيار استقر عليه العمل في هذه الدائرة لتقدير ما يُعد معقولاً كتعويض في دعاوى أتعاب المحاماة. على الشركات إدراك أن المحكمة ليست مُلزَمة بعقد الأتعاب إذا رأت أن المبلغ مبالغ فيه، بل قد تحكم بأقل منه وفق تقديرها لما هو “معقول ومناسب”.
خدمات مكتب المحكَّم والمحامي محمد المزيّن في دعاوى التعويض عن أتعاب المحاماة
في ضوء ما تشهده السوق السعودية من توسع في الدعاوى التجارية وتعقّد علاقات الأعمال، يقدّم مكتب المحكَّم والمحامي محمد المزيّن مجموعة من الخدمات المتخصصة ذات الصلة بـ دعوى التعويض عن أتعاب المحاماة، من بينها:
- صياغة ومراجعة عقود أتعاب المحاماة بين الشركات والمكاتب القانونية بما يتوافق مع الأنظمة والضوابط المهنية، ويُسهّل الاستناد إليها أمام القضاء.
- تقديم استشارات سابقة على التقاضي بشأن جدوى رفع دعوى تعويض عن أتعاب المحاماة، وتقدير احتمالات الحكم بها في ضوء الوقائع المتاحة.
- تمثيل الشركات أمام المحاكم التجارية في دعاوى المطالبة بالمستحقات المالية ودعاوى التعويض عن أتعاب المحاماة ومصاريف التقاضي.
- المساعدة في إدارة التفاوض والتسوية في المنازعات التجارية، بما يقلّل من احتمالية تصاعد النزاع إلى مستوى تتحمل فيه الشركة مخاطر إضافية متعلقة بأتعاب المحامين ومصاريف التقاضي.
يمكن للشركات، خاصة تلك التي تنشط في عقود التوريد والمقاولات، الاستفادة من خبرة المكتب في تصميم سياسات قانونية تقلل من مخاطر التقاضي، بما في ذلك مخاطر دعوى التعويض عن أتعاب المحاماة.
الاستشارة القانونية
للحصول على استشارة قانونية متخصصة حول دعوى التعويض عن أتعاب المحاماة، أو لمراجعة موقفكم النظامي قبل الإقدام على رفع دعوى تعويض عن أتعاب المحاماة أو مواجهة مثل هذه الدعوى من خصم تجاري، يمكنكم التواصل مع مكتب المحكَّم والمحامي محمد المزيّن؛ لدراسة حالتكم واقتراح المسار الأنسب في ضوء الأنظمة السعودية والاتجاهات القضائية ذات الصلة.
الأسئلة الشائعة (FAQ) حول دعوى التعويض عن أتعاب المحاماة
1. هل تُقبل دعوى التعويض عن أتعاب المحاماة في كل نزاع تجاري؟
لا تُقبل بشكل آلي في كل نزاع؛ بل يُنظر في مدى إلجاء المدعى عليه لخصمه إلى التقاضي، وتوافر أركان التعويض (التعدي، الضرر، العلاقة السببية)، وكون الأتعاب المصروفة في الحدود المعتادة ومثبتة بمستندات.
2. هل يشترط وجود عقد مكتوب حتى يُحكم بأتعاب المحاماة؟
وجود عقد أتعاب مكتوب مدعوم بحوالات أو إيصالات سداد يعزّز فرص قبول دعوى التعويض عن أتعاب المحاماة، لأنه يوضح قيمة ما تحمله المدعي، ويربطه بالدعوى الأصلية التي أنفق الأتعاب في سبيلها.
3. هل نسبة (10%) من المبلغ المحكوم به قاعدة نظامية ملزمة؟
لا، ليست قاعدة ملزمة بنص نظامي، لكنها نسبة استقر عليها العمل في بعض الدوائر التجارية بوصفها معيارًا تقريبيًا لما يعد “معقولاً” كتعويض عن أتعاب المحاماة، وتظل للمحكمة سلطة تقدير الزيادة أو النقصان وفق ظروف القضية.
4. ماذا لو كانت أتعاب المحاماة في العقد أعلى من النسبة التي تقضي بها المحكمة؟
يملك القاضي صلاحية تقدير المبلغ المعقول للتعويض، حتى لو كانت أتعاب المحاماة المدفوعة أعلى من ذلك؛ فالعقد بين الموكل ومحاميه لا يلزم المحكمة بالحكم بكامل المبلغ في دعوى التعويض عن أتعاب المحاماة.
5. متى يُنصح بالتفكير في رفع دعوى تعويض عن أتعاب المحاماة؟
يُستحسن التفكير في هذه الدعوى بعد صدور حكم نهائي لصالح الشركة في دعوى تجارية تحملت فيها أتعاب محاماة مثبتة، خاصة إذا كان المدين قد تلكأ في الوفاء دون مسوغ معتبر، وكانت قيمة الأتعاب مؤثرة بالنسبة للشركة.
نص الحكم وبياناته
أولاً: بيانات الحكم
المحكمة: المحكمة التجارية – الدائرة التجارية الرابعة.
المدينة: الرياض.
رقم القضية: 4470506588 لعام 1444هـ.
رقم الحكم: 4430964682.
تاريخ الحكم: 23 ذو القعدة 1444هـ.
نوع الدعوى: دعوى تعويض عن أتعاب المحاماة (مصاريف التقاضي) في دعوى تجارية سابقة.
الدعوى الأصلية: مطالبة بثمن أجهزة كهربائية بمبلغ (497,496) ريال.
رقم الصك في الدعوى الأصلية: 433979305 وتاريخ 16/01/1444هـ، المؤيد استئنافياً بالصك رقم 4430102207 وتاريخ 02/03/1444هـ.
ثانيًا: ملخص موسع لنص الحكم
تقدمت المدعية بدعوى مستقلة تطلب فيها الحكم لها بمبلغ (57,500) ريال يمثل أتعاب المحاماة التي دفعتها لمكتب محاماة بموجب عقد أتعاب رقم 04/43، مقابل تولي المكتب الترافع عنها في الدعوى السابقة التي انتهت بالحكم لصالحها بالمبلغ كاملًا ضد المدعى عليها. أرفقت المدعية بعريضتها عقد الأتعاب وكشف الحوالات البنكية التي تثبت سداد المبلغ للمكتب. تمسكت المدعى عليها بعدم توافر شروط التعويض، واعتبرت أن النزاع السابق كان مجرد خلاف محاسبي، وأنها لم تتعمد الإضرار بالمدعية، كما نازعت في علاقة الحوالات بالدعوى، ووصفت مبلغ الأتعاب بالمبالغ فيه. بعد نظر الدائرة للدعوى، قررت أن مناط النظر في دعاوى أتعاب الترافع هو التحقق من إلجاء أحد الأطراف للآخر إلى التقاضي، واستندت إلى ما قرره أهل العلم والفتاوى ذات الصلة، ثم انتهت إلى أن تقدير أتعاب المحاماة يجب أن يكون وفق ما هو معقول ومناسب. استأنست المحكمة بما استقر عليه العمل لديها من تقدير أتعاب المحاماة بنسبة (10%) من المبلغ المحكوم به في الدعوى الأصلية، فقررت إلزام المدعى عليها بدفع مبلغ (49,749.60) ريال للمدعية تعويضًا عن أتعاب المحاماة ومصاريف التقاضي.
الخاتمة
تبيّن سابقة المحكمة التجارية بالرياض أن دعوى التعويض عن أتعاب المحاماة أصبحت أداة عملية في يد صاحب الحق عند إلجائه إلى التقاضي لتحصيل مستحقاته، وأن القضاء التجاري يتجه إلى تعويض المعقولة من تلك الأتعاب في ضوء معيار النسبة من المبلغ المحكوم به واستقرار العمل على حدود (10%). وتذكّر هذه القاعدة الشركات بأن قرار المماطلة أو الإصرار على الخصومة رغم وضوح الحق قد يضاعف من خسارتها النهائية، لا من حيث أصل المبلغ فقط، بل أيضًا من حيث مصاريف التقاضي. ومن ثم، يُستحسن لرجال الأعمال ومديري الشؤون القانونية طلب رأي قانوني متخصص قبل اتخاذ قرارات جوهرية في قبول النزاع أو رفض التسوية أو الاستمرار في التقاضي.
مقالات ذات صلة
- مقال بعنوان: [[إدارة مخاطر التقاضي في العقود التجارية في السعودية]]
- مقال بعنوان: [[صياغة عقود أتعاب المحاماة بما يتوافق مع الأنظمة السعودية]]
- مقال بعنوان: [[استراتيجية التفاوض والتسوية في منازعات الشركات التجارية]]
ملخّص تعريفي
يتناول هذا المقال موضوع دعوى التعويض عن أتعاب المحاماة في القضاء التجاري السعودي، من خلال تحليل حكم صادر عن المحكمة التجارية بالرياض في القضية رقم 4470506588 لعام 1444هـ، الحكم رقم 4430964682. يقدّم المقال، بصياغة مهنية باسم المحكَّم والمحامي محمد المزيّن، القاعدة القضائية التي تجيز للمحكمة الحكم بتعويض عن أتعاب المحاماة بنسبة تقارب (10%) من المبلغ المحكوم به في الدعوى الأصلية متى ثبت إلجاء الدائن إلى التقاضي. ويعرض دلالات عملية تفيد الشركات في إدارة نزاعاتها التعاقدية وتقليل مخاطر مصاريف التقاضي.

