لكي يكون حكم التحكيم قابلًا للتنفيذ وملزمًا للأطراف، يجب أن يستوفي الأحكام المنصوص عليها في نظام التحكيم السعودي. يبدأ ذلك منذ تعيين المحكمين وانعقاد الجلسات، مع مراعاة القواعد المطبقة على النزاع موضوع الدعوى، وصولًا إلى إصدار الحكم ونشره وإيداعه. يضمن هذا الإجراء الالتزام بالقواعد القانونية، مما يسهل تنفيذه في الدولة الصادر فيها الحكم، ويعزز من إلزامية تطبيقه من قبل الأطراف المعنية، ومن هذا المنطلق يعرض محمد المزين للمحاماة مقال عن الحكم التحكيمي على ضوء نظام التحكيم السعودي.
إجراءات اختيار المحكمين
أول خطوة في إجراءات التحكيم هي اختيار المحكم أو هيئة التحكيم في حال التحكيم من خلال أكثر من محكم، ويتم اختيار المحكمين بناءً على اتفاق طرفي التحكيم، وإذا لم يتفق الطرفان، تتولى المحكمة المختصة اختيار المحكم في حالة تشكيل هيئة التحكيم من محكم واحد.
أما إذا كانت هيئة التحكيم مكونة من ثلاثة محكمين، يختار كل طرف محكمًا يمثله، ويتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث.
تقوم المحكمة المختصة باختيار المحكم الثالث في حال لم يعين أحد الطرفين محكمه خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ تسلمه طلبًا بذلك من الطرف الآخر، أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الفترة نفسها من تاريخ تعيين آخر محكم. ويتم ذلك بناءً على طلب من له مصلحة في التعجيل. علماً بأن المدة المحددة للفصل في طلب تعيين المحكم الثالث هي خمسة عشرة يوماً من تاريخ تقديم الطلب.
يتولى رئاسة هيئة التحكيم المحكم الذي يختاره المحكمان المعينان أو الذي تعينه المحكمة، وتُطبق هذه الإجراءات حتى إذا كانت هيئة التحكيم مكونة من أكثر من ثلاثة محكمين.
ومن الجدير بالذكر أنه يمكن اللجوء إلى المحكمة المختصة إذا لم يتفق الطرفان على إجراءات اختيار المحكمين، وإذا تمت مخالفة هذه الإجراءات من أحدهما، أو حدث خلاف بين المحكمين المعينين بشأن أمر يتطلب الاتفاق عليه، تتولى المحكمة المختصة اتخاذ الإجراءات اللازمة بناءً على طلب من له مصلحة في التعجيل، ما لم ينص اتفاق التحكيم على طريقة أخرى.
عند اختيار المحكم من قبل المحكمة المختصة، يجب أن تتوفر فيه الشروط المنصوص عليها في النظام، ويتم التعيين خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تقديم الطلب، ويعتبر قرار المحكمة في هذا الشأن نهائيًا وغير قابل للطعن بأي وسيلة من وسائل الطعن.
انعقاد الجلسات كجزء من إجراءات التحكيم
أحد خطوات إجراءات التحكيم هي انعقاد الجلسات، ويبدأ تجهيز الحكم التحكيمي منذ لحظة عقد الجلسات، وعادة ما يتم عقد الجلسات مرافعة حتى يمنح أطراف التحكيم فرصة لشرح موضوع الدعوى وتقديم الأدلة والحجج. وقد تكتفي هيئة التحكيم بالمذكرات المكتوبة، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك.
يُبلَّغ الطرفان بمواعيد الجلسات والنطق بالحكم بغرض المعانية أو فحص المستندات المقدمة في الدعوى وذلك قبل انعقادها بوقت كاف، ويُدوَّن ملخص المرافعة في محضر يُوقَّع من جميع الأطراف المعنيين، مع تسليم نسخة لكل طرف من محضر الجلسة.
قواعد التحكيم المطبقة عند الفصل في الدعوى
يجب على هيئة التحكيم، مع مراعاة عدم مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية والنظام العام في المملكة العربية السعودية، تطبيق القواعد التي اتفق عليها الطرفان بشأن النزاع محل الدعوى. وفي حال اتفاق طرفي التحكيم على تطبيق قانون دولة معينة على النزاع، يحق للهيئة تطبيق القواعد الموضوعية دون تطبيق القواعد المتعلقة بتنازع القوانين، وذلك ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك.
أما إذا لم يتفق الطرفان على القواعد النظامية الواجب تطبيقها على موضوع النزاع، تقوم هيئة التحكيم بتطبيق القواعد الموضوعية في النظام الذي ترى أنه الأكثر ارتباطًا بموضوع النزاع.
هذا بالإضافة إلى أنه على هيئة التحكيم أن تراعي شروط العقد محل النزاع، وكذلك الأعراف التجارية السائدة المتعلقة بنوع المعاملة، بالإضافة إلى العادات المتبعة وطبيعة العلاقة بين الطرفين، على أن يكون كل ذلك ضمن إطار الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية والنظام العام في المملكة العربية السعودية.
كما يجوز لهيئة التحكيم، في حال اتفاق الطرفين على تفويضها بالصلح، أن تصدر حكمها بناءً على قواعد العدالة والإنصاف، مع مراعاة الظروف المحيطة بالنزاع وأوضاع الأطراف.
صدور حكم التحكيم
يصدر حكم هيئة التحكيم، المكونة من أكثر من محكم واحد، بأغلبية أعضائها وذلك بعد عقد مداولة سرية بينهم، وبعد إقفال باب المرافعة ينطق رئيس الهيئة بالحكم. أما في حال تعذر الوصول إلى أغلبية، يجوز لهيئة التحكيم اختيار محكم مرجح خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ قرارها بعدم إمكانية حصول الأغلبية، وإلا تقوم المحكمة المختصة أصلًا بنظر النزاع بتعيين المحكم المرجح.
علماً بأنه ويجوز لرئيس هيئة التحكيم إصدار القرارات المتعلقة بالمسائل الإجرائية – ما لم يتفق الطرفين على غير ذلك – وذلك في حالتين:
متى يجوز لرئيس هيئة التحكيم إصدار القرارات المتعلقة بالمسائل الإجرائية؟
-
إذا صرح بذلك أطراف التحكيم بذلك كتابة.
-
إذا أذن له جميع أعضاء الهيئة بذلك.
أما إذا كانت هيئة التحكيم مفوضة بالصلح، فيشترط أن يصدر الحكم بالإجماع، ويكون لهيئة التحكيم الحق في إصدار أحكام وقتية قبل إصدار الحكم المنهي للخصومة، ما لم يتفق طرفا التحكيم على خلاف ذلك. كما يجوز لهيئة التحكيم، بقرار يتم إبلاغه لأطراف التحكيم، إعادة فتح باب المرافعة بعد إقفاله وقبل النطق بالحكم.
تلتزم هيئة التحكيم بإصدار الحكم المنهي للخصومة خلال المدة التي يتفق عليها أطراف التحكيم. وفي حال عدم وجود اتفاق، يجب أن يصدر الحكم خلال اثني عشر شهرًا من تاريخ بدء إجراءات التحكيم.
كما يجوز لهيئة التحكيم أن تقرر تمديد مدة التحكيم، بشرط ألا تتجاوز التمديد ستة أشهر، ما لم يتفق الطرفان على مدة أطول.
أما إذا لم يصدر حكم التحكيم خلال هذه المدة يحق لأي من الطرفين التقدم إلى المحكمة المختصة بطلب إصدار أمر بتحديد مدة إضافية أو بإنهاء إجراءات التحكيم. وفي حال إنهاء الإجراءات، يحق لأي من الطرفين رفع دعواه إلى المحكمة المختصة.
صياغة حكم التحكيم
- يجب أن يكون حكم التحكيم مكتوبًا.
- يجب أن يكون حكم التحكيم مسببًا.
- يجب أن يوقع حكم التحكيم المحكمين.
- إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من أكثر من محكم، يكفي توقيع أغلبية المحكمين، بشرط إثبات أسباب عدم توقيع الأقلية في محضر القضية.
محتويات حكم التحكيم
- تاريخ النطق بالحكم ومكان إصداره.
- أسماء الخصوم وعناوينهم.
- أسماء المحكمين وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم.
- اتفاق التحكيم.
- ملخص أقوال وطلبات طرفي التحكيم ومرافعاتهم ومستنداتهم.
- ملخص تقرير الخبرة، إن وجد.
- منطوق الحكم.
- أتعاب المحكمين ونفقات التحكيم وكيفية توزيعها بين الطرفين.
تسليم حكم التحكيم
تُسلم هيئة التحكيم لكل طرف صورة طبق الأصل من حكم التحكيم خلال 15 يوماً من تاريخ صدوره.
نشر حكم التحكيم وإيداعه
لا يجوز نشر حكم التحكيم أو جزء منه إلا بموافقة الطرفين كتابة.
تودع هيئة التحكيم أصل الحكم أو صورة موقعة منه باللغة التي صدر بها لدى المحكمة المختصة، مع ترجمة معتمدة باللغة العربية إذا صدر بلغة أجنبية، وذلك خلال المدة المنصوص عليها.
وفي الختام، يعد الالتزام بالأحكام والإجراءات المنصوص عليها في نظام التحكيم السعودي أمرًا جوهريًا لضمان فعالية حكم التحكيم وقابليته للتنفيذ في الدولة.
وبداية من تعيين المحكمين إلى انعقاد الجلسات وإصدار الحكم، يجب أن تتم جميع الخطوات وفقًا للقواعد المقررة وإجراءات التحكيم المتفق عليها أو المحددة بموجب الأنظمة، مع مراعاة أحكام الشريعة الإسلامية والنظام العام، وحتى يتم ذلك بشكل صحيح، يجب الاستعانة بمحامي متخصص في قضايا التحكيم.
ويُعد محمد المزين للمحاماة من أبرز المكاتب الرائدة في مجال التحكيم بشكل عام والتحكيم التجاري بوجه خاص، حيث يتمتع بخبرة واسعة في المنازعات التحكيمية. كما يتميز المكتب بقيادة سعادة المستشار/ محمد المزين المحكم ومحامي التحكيم المتمرس، مما يؤكد لك أنك في بيت خبرة مناسب لحاجتك.