المقدمة التمهيدية
إثبات تنفيذ الأعمال في عقود المقاولات في النظام السعودي يُعد من أكثر إشكالات قطاع المقاولات تعقيدًا، خصوصًا في المشاريع الكبرى التي تتداخل فيها عقود المقاولة الأصلية مع عقود المقاولين من الباطن. وتُظهر سابقة قضائية صادرة عن المحكمة التجارية بالدمام (القضية رقم 439521706 لعام 1443هـ، الحكم رقم 4430979034 بتاريخ 24/11/1444هـ) كيف يمكن أن تنتهي مطالبة مقاول من الباطن بمبالغ تتجاوز مليون ومائتي ألف ريال بالرفض الكامل؛ لمجرد عجزه عن إثبات تنفيذ الأعمال محل الدعوى وفق ما يتطلبه النظام والعرف التجاري في مجال المقاولات.
هذا المقال يقدّم قراءة قانونية تطبيقية لهذه السابقة، موجهة إلى شركات المقاولات، والمطورين العقاريين، والشركات المالكة للمشاريع، وكذلك المستثمرين ومديري الشؤون القانونية، مع التركيز على ضوابط إثبات الأعمال، وعبء الإثبات، وأثر تقارير الخبرة الفنية على المراكز القانونية للأطراف.
ماذا ستقرأ في هذا المقال؟
- الإطار النظامي لإثبات تنفيذ الأعمال في عقود المقاولات في السعودية.
- عرض موجز لوقائع الحكم التجاري محل التحليل وأهم دفوع الطرفين.
- القاعدة القضائية المستفادة بشأن عبء الإثبات في منازعات المقاولات وندب الخبرة.
- قراءة تطبيقية لما يعنيه هذا الحكم لشركات المقاولات والمقاولين من الباطن والمتعاملين معهم.
- نص الحكم وبياناته والدروس العملية التي يجدر بالشركات مراعاتها عند إدارة مشاريعها وعقودها.
نبذة عن الكاتب
المحامي والمحكَّم محمد المزيّن، بخبرة تمتد لأكثر من خمسة عشر عامًا، متخصص في قضايا المقاولات والنزاعات الإنشائية والعقود الحكومية وعقود الامتياز التجاري. حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق من جامعة الملك سعود بالرياض عام 2009م، ويمتلك خبرة عملية واسعة من خلال عمله مع عدد من الشركات الوطنية الكبرى، منها مجموعة المجدوعي، وشركة بن زقر، وشركة الاستثمارات التعدينية المتحدة، وشركة الموارد المساهمة المدرجة، وشركة البترول الذهبي للاستثمار.
السؤال الأول: ما الإطار النظامي لإثبات تنفيذ الأعمال في عقود المقاولات في السعودية؟
يندرج النزاع محل هذا الحكم ضمن منازعات المقاولات التجارية الخاضعة لاختصاص المحاكم التجارية، استنادًا إلى المادة (16) من نظام المحاكم التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/93) وتاريخ 15/08/1441هـ، والتي قررت اختصاص المحكمة التجارية بالمنازعات الناشئة عن الأعمال التجارية.
أما من حيث عبء الإثبات في إثبات تنفيذ الأعمال محل عقد المقاولة، فيحكمه:
- القاعدة الشرعية العامة
- “البينة على من ادعى واليمين على من أنكر”، وهي القاعدة التي استندت إليها الدائرة في تقرير أن الأصل عدم التنفيذ، وأن على المدعية – المقاول من الباطن – أن تثبت قيامها بالأعمال محل المطالبة.
- نظام المرافعات الشرعية ونظام المحاكم التجارية
- المادة (20) من نظام المحاكم التجارية التي تُحيل إلى التزام المدعي بتقديم أسانيده ومستنداته، وأن مجرد الادعاء لا يكفي لإثبات الحق.
- نظام الإثبات
- المادة (110) من نظام الإثبات الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/43) وتاريخ 26/05/1443هـ، التي منحت المحكمة سلطة ندب خبير لإبداء الرأي الفني في المسائل التي يتوقف عليها الفصل في الدعوى؛ وقد مارست الدائرة سلطتها في هذا الحكم بندب خبير هندسي لدراسة الأعمال المدعى تنفيذها، والمستندات الفنية والمالية ذات الصلة.
- المادة (122) من النظام نفسه، التي قررت تحميل الخصم الخاسر للمطالبة محل الخبرة أتعاب الخبرة، وهو ما انتهت إليه الدائرة بإلزام المدعية بأتعاب الخبير بعد رفض دعواها.
- العرف التجاري في مجال المقاولات
المحكمة – عبر تقرير الخبير – استندت كذلك إلى الأعراف المستقرة في قطاع المقاولات، مثل:- اشتراط تقديم خطاب ضمان الدفعة المقدمة، وخطاب ضمان الأداء.
- وجود محضر استلام موقع المشروع.
- وجود مستندات المشروع (أوامر الشراء، الفواتير، تقارير التنفيذ، محاضر الاستلام، تصاريح الدخول، …إلخ).
وهو ما اعتبرته الدائرة قرائن قوية على عدم تنفيذ الأعمال في غياب هذه المستندات.
هذا الإطار النظامي والعرفي يؤكد أن منازعات عقود المقاولات لا تُحسم بمجرد وجود عقد مكتوب، بل بوجود سلسلة مستندية كاملة تثبت التنفيذ الفعلي للأعمال وفقًا للمعايير الفنية والتجارية المتعارف عليها.
السؤال الثاني: ما وقائع السابقة القضائية محل التحليل؟ وما عناصرها الرئيسة؟
نوع الدعوى:
دعوى تجارية مرفوعة من مقاول من الباطن (مجموعة …) ضد شركة مقاولات (شركة …) للمطالبة بمبلغ (1,230,064) ريال بدعوى أنه يمثل ما صُرف على المشروع محل عقد مقاولة من الباطن.
موضوع التعاقد:
- عقد مقاولة من الباطن مؤرخ في 13/03/2021م لتنفيذ أعمال مدنية (حفر، صب خرسانة، تسوية، أعمال زفلتة طرق) في مشروع تابع لشركة رئيسية (شركة …).
- قيمة العقد: 4,600,000 ريال (غير شامل الضريبة).
- الدفعة المقدمة المتفق عليها: 10% من قيمة العقد (529,000 ريال شاملة الضريبة).
ملخص ادعاء المدعية (المقاول من الباطن):
- تم تسليم الموقع وبدء الأعمال بتاريخ 22/04/2021م.
- تم توفير العمالة والمهندسين والمعدات والآليات اللازمة للتنفيذ.
- طُلبت الدفعة المقدمة عدة مرات (هاتفيًا، ثم عبر البريد الإلكتروني والخطابات الرسمية)، دون استجابة من المدعى عليها.
- فوجئت المدعية بإبلاغها عبر رسالة واتساب وخطاب تنازل بأن العقد الرئيسي تم نقله إلى مؤسسة أخرى، وأنها مطالبة بالرجوع على هذه المؤسسة في مستحقاتها.
- عند مطالبتها المؤسسة الجديدة بالمستحقات، أنكرت وجود علاقة تعاقدية معها.
- بناءً على ذلك، طالبت المدعية بإلزام المدعى عليها بسداد مبلغ (1,230,064) ريال باعتباره ما تم صرفه على المشروع والأعمال المنفذة.
دفوع المدعى عليها (شركة المقاولات):
- دفع شكلي
- التمس عدم قبول الدعوى لعدم التزام المدعية بالإخطار النظامي المنصوص عليه في المادة (19/1) من نظام المحاكم التجارية (إخطار المدعى عليه قبل 15 يومًا من رفع الدعوى).
- دفع موضوعي جوهري
- العقد مع المدعية عقد صوري؛ الطرف الظاهر هو الشركة، والطرف الحقيقي هو مؤسسة أخرى تربطها علاقة مباشرة بالمدعية.
- تم التنازل عن العقد لمصلحة هذه المؤسسة بموافقة المقاول الرئيسي، لأسباب داخلية تتعلق بالشركة.
- المدعية لم تنفذ أي أعمال في المشروع، واستندت الشركة إلى قرائن عدة منها:
- عدم تقديم المدعية خطاب ضمان الدفعة المقدمة، ولا خطاب ضمان الأداء.
- عدم تقديم تصاريح دخول للموقع.
- عدم وجود محضر استلام موقع.
- عدم وجود أي من مستندات المشروع المتعارف عليها في قطاع المقاولات (أوامر شراء، فواتير موردين، تقارير تنفيذ، محاضر استلام… إلخ).
- المستندات المقدمة من المدعية عبارة عن خطابات وفاتورة من صنعها، لا تحمل توقيع أو ختم من الشركة أو الجهات ذات الصلة، ولا يجوز للشخص أن يصنع دليلاً لنفسه على نفسه.
- مسار الدعوى وإجراءاتها:
- عقدت المحكمة عدة جلسات، وطالبت الأطراف بتحديد الطلبات والدفوع وتبادل المذكرات والمستندات عبر النظام.
- أبدى الطرفان في مرحلة ما رغبة في الصلح، وتم تعليق بعض إجراءات الخبرة بناءً على ذلك، ثم لم يكتمل الصلح.
- قررت الدائرة ندب خبير هندسي (مرتين) لدراسة العلاقة بين الطرفين والتحقق من الأعمال المنفذة وقيمتها.
- انتهى الخبير في تقريره النهائي إلى عدم وجود أي مبالغ مستحقة للمدعية لعدم ثبوت قيامها بأعمال في المشروع، وأن مستنداتها لا تكفي لإثبات التنفيذ.
- تمسكت المدعية بملاحظاتها على التقرير، إلا أن الخبير أجاب عليها، والمحكمة اطمأنت إلى النتيجة التي انتهى إليها.
السؤال الثالث: ماذا قررت المحكمة؟ وما القاعدة القضائية المستفادة؟
أولاً: بخصوص دفع المدعى عليها بالتنازل عن العقد
قررت الدائرة أن دفع المدعى عليها بأنها تنازلت عن العقد لمؤسسة أخرى لم يقم على بينة موصلة، ولم يثبت رضا المدعية بهذا التنازل، ولم تتحقق الشروط الشرعية والنظامية لانتقال الالتزامات من ذمة الشركة إلى ذمة جهة أخرى.
لذلك استمرت المحكمة في سماع الدعوى في مواجهة المدعى عليها الأصلية بوصفها طرفًا في العقد ومسؤولة – من حيث الأصل – عن التزاماتها تجاه المدعية.
ثانيًا: بخصوص إثبات تنفيذ الأعمال والمطالبة بالمبلغ
- قررت الدائرة أن الأصل عدم تنفيذ الأعمال، وأن عبء إثبات التنفيذ يقع على المدعية.
- العقد المبرم بين الطرفين يثبت وجود علاقة تعاقدية، لكنه لا يثبت بذاته أن الأعمال قد نُفذت.
- المستندات المقدمة من المدعية (فواتير وخطابات داخلية) لم تنهض لإثبات التنفيذ؛ لافتقارها إلى مقومات الحجة النظامية (ختم/توقيع الطرف الآخر، ارتباطها الواضح بالمشروع، توافقها مع أعراف المقاولات).
- استعانت المحكمة بالخبير الهندسي عملاً بالمادة (110) من نظام الإثبات، واطمأنت لنتيجته التي انتهت إلى عدم وجود أعمال منفذة من قبل المدعية في المشروع محل النزاع.
ثالثًا: المنطوق
- رفض الدعوى المقامة من المدعية (مجموعة …) ضد المدعى عليها (شركة …).
- تحميل المدعية أتعاب الخبرة كاملة تطبيقًا للمادة (122) من نظام الإثبات؛ كونها خسرت المطالبة محل الخبرة.
القاعدة القضائية المستفادة من الحكم
- في منازعات عقود المقاولات، لا يكفي وجود عقد مكتوب لإثبات استحقاق المبالغ؛ بل يجب على المقاول إثبات تنفيذ الأعمال فعليًا بمستندات فنية وتجارية متوافقة مع العرف المهني (ضمانات بنكية، محضر استلام موقع، تقارير تنفيذ، محاضر استلام، مستخلصات معتمدة… إلخ).
- مجرد ادعاء المقاول بأنه نُفذت أعمال وصرفت مبالغ، دون بينة موصلة ومتكاملة، يؤدي غالبًا إلى رفض الدعوى ولو كان مبلغ المطالبة كبيرًا.
- التنازل عن العقود لا يعفي المتنازل من مسؤولياته تجاه المتعاقد معه ما لم يثبت توافر الشروط النظامية ورضا الطرف الآخر، ومع ذلك يبقى عبء إثبات تنفيذ الأعمال على المدعي.
- تقرير الخبرة الفنية – متى جاء مسببًا واستوعب دفوع الطرفين – يمكن أن يكون أساسًا كافيًا لرفض الدعوى أو قبولها، وتتحمل الجهة الخاسرة أتعاب الخبرة.
السؤال الرابع: ما دلالات هذا الحكم لعملاء المكتب؟ وكيف يمكن الاستفادة منه عمليًّا؟
هذه السابقة القضائية تقدم رسالة واضحة لشركات المقاولات والمقاولين من الباطن والملاك على حد سواء:
- أن الإدارة القانونية للمشروع لا تقل أهمية عن الإدارة الفنية؛ فغياب المستندات النظامية والاتفاقات الموثقة والمستخلصات المعتمدة قد يضيع على المقاول مبالغ كبيرة حتى ولو كان قد بذل جهدًا فعليًا في الموقع.
- أن إثبات تنفيذ الأعمال هو عملية مستمرة طوال فترة المشروع، وليست خطوة لاحقة عند حدوث النزاع؛ إذ يُستحسن توثيق كل مرحلة عبر:
- محاضر استلام site handover.
- أوامر بدء العمل، وتصاريح الدخول.
- توجيهات واستشارات الاستشاري.
- تقارير الإنجاز الدورية.
- محاضر الاستلام الجزئي والنهائي.
- المستخلصات المعتمدة من الاستشاري وصاحب العمل أو المقاول الرئيسي.
- أن التنازل عن العقود أو نقلها إلى مؤسسة أخرى يجب ألا يتم بشكل غير منظم أو عبر رسائل غير رسمية؛ بل من خلال ملاحق عقدية واضحة وموقعة من الأطراف المعنية، مع تنظيم دقيق لمسألة انتقال الالتزامات بين المقاول الأصلي والمقاول من الباطن والجهة المحوّل لها.
من الناحية العملية، يمكن لمديري الشؤون القانونية والملاك والمقاولين الاستفادة من هذا الحكم من خلال:
- مراجعة نماذج عقود المقاولات الحالية، وضمان تضمينها نصوصًا واضحة بشأن المستندات المطلوبة لإثبات التنفيذ، والضمانات البنكية، وآليات التنازل أو الإحالة.
- بناء منظومة توثيق داخلية في الشركة تحفظ كافة مستندات المشروع بشكل منظم، بحيث يمكن تقديمها للمحكمة والخبراء عند حدوث النزاع.
- إدراك أن اللجوء إلى الخبرة الفنية سلاح ذو حدين؛ فقد يقوّي موقف المقاول المنظم والمستند إلى وثائق قوية، وقد يكون سببًا في كشف ضعف موقفه إذا كانت مستنداته غير مكتملة.
خدمات مكتب المحكَّم والمحامي محمد المزيّن في منازعات المقاولات
يقدّم مكتب المحكَّم والمحامي محمد المزيّن مجموعة من الخدمات المتخصصة ذات الصلة بعقود المقاولات والنزاعات الإنشائية، منها:
- صياغة ومراجعة عقود المقاولات وعقود المقاولين من الباطن، بما يضمن تنظيم آليات الإثبات، والمستخلصات، والضمانات، واشتراطات التنازل عن العقد أو إحالة الحقوق والالتزامات.
- تقديم الاستشارات القانونية السابقة على التعاقد وأثناء التنفيذ؛ لمساعدة الشركات على ترتيب مستندات المشروع بما يتوافق مع الأنظمة والأعراف القضائية المعمول بها.
- تمثيل الشركات أمام المحاكم التجارية وهيئات التحكيم في منازعات المقاولات، بما في ذلك إدارة ملف الخبرة الفنية والتواصل مع الخبراء وإعداد الملاحظات القانونية والفنية على تقاريرهم.
- إدارة التفاوض على تسويات منظمة في منازعات المقاولات؛ لتقليل المخاطر القانونية والمالية المتعلقة بادعاءات التنفيذ أو المطالبة بالمستخلصات والضمانات.
الاستشارة القانونية
للحصول على استشارة قانونية متخصصة حول إثبات تنفيذ الأعمال في عقود المقاولات في النظام السعودي، أو لمراجعة موقفكم النظامي قبل الإقدام على رفع دعوى أو التنازل عن عقد أو الدخول في تسوية أو تحكيم يتعلق بمشروع مقاولات، يمكنكم التواصل مع مكتب المحكَّم والمحامي محمد المزيّن؛ لدراسة حالتكم واقتراح المسار الأنسب في ضوء الأنظمة السعودية والاتجاهات القضائية ذات الصلة.
الأسئلة الشائعة (FAQ)
1) هل يكفي عقد المقاولة وحده لإثبات استحقاق قيمة الأعمال؟
لا، عقد المقاولة يثبت وجود العلاقة التعاقدية، لكنه لا يثبت بذاته تنفيذ الأعمال. يشترط عادة وجود مستندات إضافية مثل محاضر الاستلام، المستخلصات المعتمدة، الضمانات، وتقارير التنفيذ، خاصة في المشاريع الكبيرة.
2) ماذا لو نفّذ المقاول الأعمال فعلاً ولكنه لم يحتفظ بالمستندات الكافية؟
من الناحية العملية، يكون موقفه القضائي ضعيفًا؛ لأن عبء الإثبات يقع عليه. يمكن أحيانًا تدعيم الموقف بوسائل أخرى (شهود، مراسلات، قرائن)، لكن ذلك لا يغني عن المستندات الفنية والمالية المنظمة.
3) هل يجوز للمقاول الرئيسي أن يتذرع بتنازل العقد لجهة أخرى للتخلص من مسؤوليته؟
لا يُقبل هذا الدفع ما لم يثبت التنازل بمستندات نظامية واضحة، ويثبت رضا الطرف الآخر (مثل المقاول من الباطن) بانتقال الالتزامات، وإلا ظل المقاول الأصلي مسؤولًا عن التزاماته.
4) متى يكون التحكيم خيارًا مناسبًا في منازعات المقاولات؟
يُستحسن اللجوء للتحكيم في المشاريع الكبيرة والمعقدة التي تتطلب سرعة ومرونة وخبرة فنية عالية، بشرط تنظيم شرط التحكيم بعناية في العقد، وتحديد القواعد الإجرائية وهيئة التحكيم بوضوح.
5) ما المخاطر العملية لإثارة النزاع دون استشارة قانونية مسبقة؟
قد تُرفع الدعوى قبل استكمال متطلبات الإثبات، أو بصياغة طلبات ودفوع غير دقيقة، مما يضعف الموقف أمام المحكمة والخبراء، وربما ينتهي برفض الدعوى وتحميل الشركة أتعاب الخبرة والتكاليف القضائية.
نص الحكم وبياناته
ملخص نص الحكم:
- المدعية: مجموعة (…) (مقاول من الباطن).
- المدعى عليها: شركة (…) (مقاول).
- موضوع الدعوى: مطالبة بمبلغ (1,230,064) ريال عن أعمال مدعى تنفيذها في مشروع مقاولة من الباطن.
- المحكمة: المحكمة التجارية – الدائرة الثامنة – الدمام.
- رقم القضية: 439521706 لعام 1443هـ.
- رقم الحكم: 4430979034.
- تاريخ الحكم: 24 ذو القعدة 1444هـ.
قضت الدائرة بما يلي:
- رفض الدعوى المقامة من المدعية ضد المدعى عليها؛ لعدم ثبوت قيام المدعية بتنفيذ الأعمال محل المطالبة، واعتمادًا على تقرير الخبير الهندسي الذي انتهى إلى عدم وجود مبالغ مستحقة.
- تحميل المدعية أتعاب الخبرة؛ عملًا بالمادة (122) من نظام الإثبات؛ حيث خسرت المطالبة محل الخبرة.
(لم يرد في المعطيات رابط رسمي للسجل القضائي للحكم).
الخاتمة
تؤكد هذه السابقة القضائية التجارية أن إثبات تنفيذ الأعمال في عقود المقاولات في النظام السعودي يقوم على مستندات منظمة ومتكاملة، وليس على مجرد ادعاءات أو فواتير غير معتمدة. كما تبرز أهمية تنظيم مسألة التنازل عن العقود والإحالة وآثارها في مواجهة المقاولين من الباطن. الرسالة العملية لقطاع الأعمال واضحة: إدارة مستندات المشروع ليست خيارًا ثانويًا، بل هي أساس الحفاظ على الحقوق أمام القضاء والخبراء. ويُستحسن دومًا طلب رأي قانوني متخصص قبل الدخول في نزاع أو توقيع تنازل أو تسوية في مشاريع المقاولات.
مقالات ذات صلة
- مقال بعنوان: [[المسؤولية العقدية في عقود المقاولات في النظام السعودي]]
- مقال بعنوان: [[التحكيم في منازعات المقاولات الكبرى في المملكة العربية السعودية]]
- مقال بعنوان: [[إدارة المخاطر القانونية في عقود المقاولين من الباطن]]
ملخّص تعريفي
يتناول هذا المقال موضوع إثبات تنفيذ الأعمال في عقود المقاولات في النظام السعودي من خلال تحليل حكم تجاري صادر عن المحكمة التجارية بالدمام في القضية رقم 439521706 لعام 1443هـ. يشرح المقال، بصياغة مهنية يقدمها المحكَّم والمحامي محمد المزيّن، كيف حمّلت المحكمة المقاول من الباطن عبء الإثبات، واعتمدت على تقرير الخبرة لرفض دعواه لعدم ثبوت التنفيذ، مستخلصًا قاعدة قضائية عملية تهم شركات المقاولات والمستثمرين ومديري الشؤون القانونية.

