في ظل التطورات الاقتصادية المتسارعة والتوسع التجاري الكبير الذي يشهده العالم اليوم، أصبحت المنازعات التجارية أمراً شائع. سواء كانت بين الشركات الكبرى أو المؤسسات الصغيرة، فإن التوترات والخلافات التجارية يمكن أن تؤدي إلى تعطيل الأعمال وتقليل الإنتاجية.
ومع ازدياد حجم التجارة وتنوعها، ظهرت الحاجة الملحة لوجود وسائل فعالة وسريعة لحل هذه النزاعات بعيداً عن المحاكم التقليدية التي قد تتسم بالإجراءات الطويلة والمعقدة. من هنا، برز التحكيم التجاري كواحد من أبرز الوسائل البديلة لتسوية المنازعات، تتعدد أنواع التحكيم بين المؤسسي والحر، وكل نوع له مميزاته و استخداماته الخاصة.
في هذا المقال، سنسلط الضوء على التحكيم المؤسسي وأهميته، وسنستعرض الفروقات الرئيسية بينه وبين التحكيم الحر، موضحين كيف يمكن لكل نوع أن يلعب دوراً مهماً في حل النزاعات التجارية بطريقة فعالة ومهنية.
أولا: تعريف التحكيم المؤسسي
التحكيم المؤسسي هو نوع من التحكيم يتم تنظيمه وإدارته بواسطة مؤسسات تحكيمية متخصصة. هذه المؤسسات توفر قواعد وإجراءات محددة تسهل عملية التحكيم، وتضمن نزاهتها وفعاليتها، و من أبرز هذه المؤسسات على المستوى العالمي: مركز التحكيم التجاري الدولي (ICC)، المركز السعودي للتحكيم التجاري (SCCA)، ومركز تحكيم دول مجلس التعاون الخليجي بالبحرين.
ثانياً: مظاهر اختلاف التحكيم الحر عن التحكيم المؤسسي
الإدارة والتنظيم:
– التحكيم المؤسسي:
وفيه تدار عملية التحكيم من قبل مؤسسة تحكيمية أو مركز تحكيم توفر إطاراً تنظيمياً واضحاً وإجراءات محددة ومن أمثلة مراكز التحكيم في السعودية المركز السعودي للتحكيم التجاري، ومركز التحكيم العقاري السعودي.
– التحكيم الحر:
وفيه تدار عملية التحكيم من قبل الأطراف والمحكمين الذين يحددون قواعد وإجراءات التحكيم بشكل مستقل وعادة ما يكون الاتفاق على إجراءات التحكيم في هيئة وثيقة تسمى “وثيقة التحكيم” والتي تتضمن إجراءات التحكيم المتفق عليها من قبل الأطراف والمحكم أو هيئة التحكيم.
التكاليف:
– التحكيم المؤسسي:
قد يكون التحكيم المؤسسي أكثر تكلفة من التحكيم الحر نظراً لوجود رسوم إدارية ورسوم خدمات تقدمها المؤسسة أو مركز التحكيم المنظور أمامه النزاع.
– التحكيم الحر:
عادة ما يكون التحكيم الحر أقل تكلفة من التحكيم المؤسسي حيث لا توجد رسوم أو تكاليف لمركز التحكيم، ولكن يعتمد ذلك على أتعاب المحكم أو هيئة التحكيم وأتعاب أمين السر.
المرونة:
– التحكيم المؤسسي:
الإجراءات تكون محددة وفقاً لقواعد المركز، مما قد يقلل من المرونة.
– التحكيم الحر:
يوفر مرونة كاملة في اختيار المحكم وتحديد كافة جوانب إجراءات التحكيم وذلك بمراعاة اتفاق التحكيم والقوانين ذات العلاقة.
الثقة والنزاهة:
– التحكيم المؤسسي:
يوفر مستوى عال من الثقة والنزاهة بفضل سمعة المؤسسة أو مركز التحكيم وقواعدها الصارمة.
– التحكيم الحر:
يعتمد على مدى ثقة الأطراف بالمحكمين وإجراءات التحكيم المتفق عليها، كما أنه يتطلب من الأطراف البحث جيداً عن محكم موثوق.
ثالثاً:ماهي مزايا وعيوب التحكيم المؤسسي؟
مزايا التحكيم المؤسسي في النظام السعودي:
موثوقية واستقلالية:
يوفر التحكيم المؤسسي مستوى أعلى من الموثوقية والاستقلالية، حيث يديره مؤسسة مستقلة وموثوقة. وذلك بالإضافة إلى توفير محكمين ثقات من قبل المركز.
الاستفادة من الخبرة:
تعيين محكمين ذوي خبرة يساعد على اتخاذ قرارات متخصصة ومعقولة، مما يعزز فهم تفاصيل الصناعة وتطبيق المعرفة المتخصصة.
السرعة والكفاءة:
يمكن تحقيق سرعة أعلى في التحكيم المؤسسي بفضل القواعد والإجراءات المنظمة التي تقلل من إجراءات التحكيم الزائدة وتسهم في تحقيق الكفاءة.
تنفيذ القرارات:
يمكن أن يكون تنفيذ قرارات التحكيم المؤسسي أسهل في بعض الحالات، مما يزيد من فعالية العدالة.
عيوب التحكيم المؤسسي في النظام السعودي:
قيود التعيين:
قد يواجه الأطراف قيودًا في اختيار المحكمين، مما يقلل من قدرتهم على تحديد المحكمين المناسبين للنزاع.
التكاليف:
يمكن أن يكون التحكيم المؤسسي أكثر تكلفة مقارنة بالتحكيم الحر بسبب دفع رسوم للمؤسسة وتكاليف إجراءات أخرى.
قيود السرية:
بعض مراكز التحكيم تفرض قيود على سرية التحكيم، مما يمكن أن يؤثر على مرونة النظام وقدرة الأطراف على الوصول إلى المعلومات.
القوانين المحددة:
يمكن أن تقيد المؤسسة التحكيم بالقوانين التي وضعتها، مما يحد من حرية الأطراف في تحديد القواعد التي تنظم النزاع.
رغم وجود هذه الميزات والعيوب، يجب احتساب العوامل المحلية والظروف الفردية عند اتخاذ قرار بشأن اللجوء إلى التحكيم المؤسسي لحل النزاعات في النظام السعودي أو أي نظام آخر.
رابعاً: ماهي أهم مراكز التحكيم العالمية والعربية ؟
وتعد من أهم مراكز التحكيم الدولية والعربية:
- المركز السعودي للتحكيم التجاري
- مركز تحكيم دول مجلس التعاون الخليجي بالبحرين
- مركز أبوظبي للتحكيم والتوفيق التجاري
- مركز دبي للتحكيم الدولي
- مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي
- مركز التحكيم الدولي بفيينا
- مركز التحكيم الدولي بسنغافورا
يعتبر التحكيم وسيلة فعالة لتسوية النزاعات التجارية، سواء كان ذلك من خلال التحكيم المؤسسي أو التحكيم الحر حيث يختار الأطراف نوع التحكيم المناسب بناءً على طبيعة النزاع واحتياجاتهم الخاصة.
يتقدم محمد المزين للمحاماة بخدماته في التحكيم التجاري في السعودية سواء من خلال تمثيلك كمحامي في قضية التحكيم أو من خلال العمل كمحكم، فإذا كنت تبحث عن محكم أو محامي تحكيم فقط تواصل معنا.