محامٍ متخصص في الامتياز التجاري (Franchise) – عضو الهيئة السعودية للمحامين
في صناعة الفرنشايز، حيث تختلط المصالح التجارية العابرة للحدود مع الأبعاد القانونية والمالية، تظل المصداقية والثقة حجر الزاوية. ولذلك وضعت الجمعية الدولية للفرنشايز (IFA) ميثاقًا أخلاقيًا لأعضائها – خاصة فئة الموردين والمستشارين – ليكون مرجعًا دوليًا في السلوك المهني.
هذا الميثاق ليس مجرد وثيقة إرشادية، بل هو إعلان التزام بأن كل من يعمل تحت مظلة IFA يجب أن يعكس قيم النزاهة، المهنية، وحسن النية، سواء في علاقته بالعملاء أو بالشركاء أو بالمجتمع.
أولاً: لماذا الأخلاقيات مهمة في صناعة الفرنشايز؟
- النموذج قائم على الثقة: مانح الامتياز يمنح علامته، وممنوح الامتياز يضع رأس ماله وسمعته.
- التحدي العالمي: دخول أسواق جديدة يفرض التعامل مع بيئات قانونية وتجارية مختلفة، مما يزيد الحاجة إلى قواعد أخلاقية موحدة.
- حماية الصناعة: أي ممارسات غير مهنية من مستشارين أو محامين قد تهز ثقة المستثمرين وتضر بالقطاع ككل.
الميثاق الأخلاقي لـ IFA جاء ليسد هذه الفجوة، ويضع إطارًا معياريًا عالميًا للممارسين.
ثانياً: أبرز مبادئ الميثاق الأخلاقي لأعضاء الموردين في IFA
-
الالتزام بالمهنية والاحترافية
العضو يتعهد أن يقدم خدماته بمستوى عالٍ من الكفاءة، وأن يكون شريكًا موثوقًا لمجتمع الفرنشايز.
هذا البند يُترجم عمليًا في مكاتب المحاماة عبر: جودة الصياغة، دقة الاستشارات، والالتزام بالمواعيد.
-
التسويق الأخلاقي للخدمات
يحظر على الأعضاء تقديم خدماتهم بطرق خادعة أو مضللة، ويجب أن يكون العرض التسويقي صادقًا وموضوعيًا.
هنا نرى فرقًا جوهريًا بين “محامي يبيع خدمات” و”محامي يقدّم قيمة حقيقية”.
-
تعزيز ثقة الجمهور بالفرنشايز
الأعضاء مسؤولون عن المساهمة في بناء صورة إيجابية عن الامتياز التجاري، باعتباره أداة للتنمية الاقتصادية وريادة الأعمال.
بالنسبة لنا في السعودية، هذا ينسجم مع رؤية 2030 التي تركز على تمكين رواد الأعمال وجذب العلامات العالمية.
-
الالتزام بالسلوك المهني في الفعاليات
IFA تنظّم مؤتمرات ومعارض دولية. العضو مطالب بأن يظهر فيها بصورة مهنية، تعكس احترامه للمهنة والزملاء.
وهذه نقطة دقيقة: “كيف تُبنى السمعة؟” غالبًا عبر اللقاءات والشبكات أكثر من الأوراق الرسمية.
-
الامتثال لتوجيهات IFA
الموردون يلتزمون بالقرارات الصادرة عن المجلس الاستشاري للموردين (Supplier Forum Advisory Board)، مما يضمن وحدة المعايير.
هذا البند يربطك بشبكة دولية من المحترفين، ويوفر مرجعية لحل أي تضارب محتمل.
ثالثاً: كيف يخدم هذا الميثاق المحامي والمستشار القانوني؟
- رفع الاعتمادية: عندما تقول لعميل دولي أنك ملتزم بميثاق IFA، فأنت تعطيه معيارًا عالميًا يفهمه ويثق به.
- مقارنة وتشريع: يمكنك استخدام مبادئ الميثاق لمقارنة الممارسات المحلية (مثل نظام الامتياز التجاري السعودي) بالمعايير الدولية.
- التسويق الذكي: إبراز التزام مكتبك بأخلاقيات IFA في موقعك أو LinkedIn يميزك عن المنافسين.
- شبكة علاقات أوسع: الانخراط مع IFA يفتح لك فرصًا للتواصل مع مانحين ومستثمرين يبحثون عن شريك قانوني في السعودية.
رابعاً: ربط الميثاق بالسعودية ورؤية 2030
- الميثاق الأخلاقي لـ IFA يتناغم مع توجه المملكة نحو:
- تعزيز الشفافية في الأنشطة التجارية.
- جذب الاستثمارات الأجنبية عبر بيئة امتياز آمنة.
- تمكين رواد الأعمال عبر نشر ثقافة مهنية في سوق الامتياز.
ومن هنا، يمكن لمكاتب المحاماة السعودية أن تستخدم هذا الميثاق كـ جسر ثقة بين السوق المحلي والمستثمرين العالميين.
خامساً: الدروس العملية للممارسين
لا يكفي أن تكون “خبيرًا قانونيًا”، بل يجب أن تكون خبيرًا أخلاقيًا أيضًا.
وجود ميثاق دولي مثل IFA Code يوفّر مرجعية عند حدوث تضارب مصالح أو نزاعات.
التميز في الفرنشايز لا يأتي فقط من فهم العقود، بل من بناء الثقة مع العملاء والشركاء.
خاتمة
الميثاق الأخلاقي لأعضاء IFA ليس مجرد “نصوص جميلة”، بل هو ممارسة يومية تضمن استمرار صناعة الفرنشايز كأحد أنجح نماذج الأعمال عالميًا.
وبالنسبة لنا في السعودية، حيث يتزايد الاهتمام بالفرنشايز كأداة للنمو الاقتصادي، فإن تبني مثل هذه المعايير العالمية يمثل خطوة استراتيجية لمكاتب المحاماة والمستشارين، ووسيلة لبناء جسر ثقة مع العالم.
الخلاصة:
إذا أردنا أن يكون مكتبنا في قلب مشهد الفرنشايز العالمي، فالطريق يبدأ من تبني ميثاق IFA الأخلاقي، ليس كشعار، بل كنهج عملي يومي.
للاطلاع على النص الأصلي للميثاق الأخلاقي لأعضاء الموردين في IFA يمكن زيارة موقعهم الرسمي:
IFA Supplier Forum Code of Ethics
