إنهاء عقد الامتياز التجاري في السعودية: دراسة حالة لحكم تجاري

يتناول هذا البحث الأحكام المتعلقة بـ إنهاء عقد الامتياز التجاري في السعودية من خلال دراسة حالة لحكم صادر عن المحكمة التجارية – وأيّدته محكمة الاستئناف – أُلزمت فيه صاحبة امتياز تجاري بسداد مبلغ (20,000) ريال متبقٍ من الرسوم السنوية، رغم توقفها عن الطلبات من تلقاء نفسها دون اتباع آلية نظامية لإنهاء العقد. يركّز البحث على التفرقة بين الإنهاء أو فسخ عقد الامتياز التجاري وفق ما يقرره العقد والنظام، وبين التوقف الأحادي عن التنفيذ بوصفه إخلالًا لا يُعفي من المديونية. ويستعرض الإطار النظامي لعقود الامتياز التجاري وقواعد الإثبات أمام المحكمة التجارية، ثم يحلل الحكم محل الدراسة لاستخلاص قاعدة عملية تفيد مانحي الامتياز وأصحاب الامتياز حول الشروط الشكلية والموضوعية لإنهاء أو فسخ عقد الامتياز التجاري، والمخاطر المرتبطة بالإنهاء غير المنظّم.

نبذة عن الباحث
المحكَّم والمحامي محمد بن علي المزيّن، محامٍ سعودي مرخَّص، يتمتع بخبرة مهنية تزيد على خمسة عشر عامًا في مجالات المنازعات التجارية وقضايا المقاولات والعقود الحكومية وعقود الامتياز التجاري (الفرنشايز). حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق من جامعة الملك سعود بالرياض (2009م)، ومارس العمل القانوني من خلال تمثيل عدد من الشركات الوطنية الكبرى، منها مجموعة المجدوعي، وشركة بن زقر، وشركة الاستثمارات التعدينية المتحدة، وشركة الموارد المساهمة المدرجة، وشركة البترول الذهبي للاستثمار. شارك في صياغة ومراجعة عقود تجارية معقّدة، وفي تمثيل العملاء أمام المحاكم التجارية وهيئات التحكيم في منازعات تتعلق بالامتياز التجاري والعقود الإنشائية، ويتركّز اهتمامه البحثي على التطبيقات العملية للأنظمة التجارية السعودية، ولا سيما نظام الامتياز التجاري وقواعد الإثبات أمام القضاء التجاري.

الحكم محل الدراسة
يستند هذا البحث إلى سابقة قضائية صادرة عن المحكمة التجارية في دعوى تجاري/امتياز تجاري، رقم القرار 4530435531، أُلزمت فيها المدعى عليها – وهي صاحبة امتياز تجاري – بأن تدفع للمدعية (مانح الامتياز) مبلغًا قدره (20,000) ريال، مع رفض ما عدا ذلك من طلبات.

أسست المحكمة قضاءها على عناصر بينة رئيسة، هي:

عقد الامتياز التجاري المبرم بين الطرفين، المتضمن في بنوده – ولا سيما البند (11) – استحقاق مانح الامتياز مبلغ (50,000) ريال سنويًا يدفع مقدمًا من قبل صاحبة الامتياز.
إيصال الدفع الجزئي الذي يثبت سداد المدعى عليها جزءًا من هذا المقابل السنوي دون استيفاء كامل المبلغ.
رسائل نصية متبادلة ومستند يدل على أن المدعى عليها توقفت عن الطلبات من تلقاء نفسها دون إشعار مكتوب أو عذر نظامي.
أما المدعى عليها فقد ادعت – من خلال ممثلها – أنها سددت القيمة الكاملة للعقد، وأن ما دفعته يُعد مقابلًا نهائيًا وليس دفعة أولى، كما ادعت إخلال المدعية بالتوريد بالمخالفة لبنود العقد، إلا أن هذه الدفوع لم تُسنَد إلى أي بينة مكتوبة.

قضت المحكمة بإلزام المدعى عليها بسداد مبلغ (20,000) ريال المتبقي في ذمتها بموجب عقد الامتياز، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات. وعند الاستئناف، حكمت محكمة الاستئناف التجارية بقبول الاعتراض شكلًا ورفضه موضوعًا وتأييد الحكم الابتدائي محمولًا على أسبابه.

هذا الحكم – كما يشير المحكَّم والمحامي محمد المزيّن – يمثل نموذجًا تطبيقيًا لآثار التوقف الأحادي عن التنفيذ في عقود الامتياز التجاري، وحدود اعتبار هذا التوقف إنهاءً صحيحًا للعقد من عدمه.

استعراض الأدبيات
تُعد عقود الامتياز التجاري من العقود ذات الطبيعة المركبة، إذ تجمع بين ترخيص استعمال العلامة التجارية، ونقل المعرفة الفنية، وتنظيم نموذج العمل، مقابل رسوم مالية ثابتة أو نسب من المبيعات، مع التزامات متبادلة في الدعم الفني والتسويق والرقابة على الجودة.

في المملكة العربية السعودية نظم نظام الامتياز التجاري ولائحته التنفيذية هذه العلاقة، فأكّد على ضرورة توثيقها بعقد مكتوب يشتمل على البيانات الجوهرية، وفي مقدمتها: نوع النشاط، نطاق الامتياز، المقابل المالي، مدة العقد، حالات إنهائه وآثاره. كما ساهم النظام في تعزيز حماية الأطراف من الممارسات غير المتوازنة، مع الإبقاء على مساحة واسعة لحرية التعاقد في التفاصيل العملية.

ويتكامل ذلك مع أحكام نظام المحاكم التجارية في ما يتعلق بقواعد الإثبات وسير الدعاوى التجارية؛ إذ يؤكد النظام مبدأ حجّية المحررات المكتوبة في المعاملات التجارية، ويقرّر أن عبء الإثبات يقع على من يدّعي خلاف ما هو ثابت في هذه المحررات. ومن ثمّ يظل العقد المكتوب، وإيصالات السداد، وكشوف الحساب، والمراسلات الرسمية، المرجع الأول عند نشوء المنازعات.

في مجال إنهاء عقد الامتياز التجاري أو فسخه، تبرز في الأدبيات القانونية مسألتان رئيسيتان:

التفرقة بين الإنهاء باتفاق الطرفين أو وفقًا لما يقرره العقد، وبين الفسخ القضائي أو الإنهاء الأحادي غير المنظم؛ إذ يفترض الإنهاء المشروع وجود سبب معتبر، والتزامًا بآليات الإشعار والمهل، وتوثيق ذلك كتابة.
تحديد الأثر المالي للإنهاء أو الفسخ؛ لاسيما بالنسبة للرسوم السنوية أو مقدم الامتياز، ومدى استحقاق مانح الامتياز لمبالغ عن مدة لم يباشَر فيها النشاط أو تم التوقف فيها عن الطلبات.
ومن واقع التعامل العملي مع عقود الامتياز التجاري يلاحظ المحكَّم والمحامي محمد المزيّن أن كثيرًا من النزاعات تنشأ تحديدًا عند مرحلة الإنهاء أو الفسخ، بسبب غياب التنظيم الدقيق للآثار المالية المترتبة على الإنهاء المبكر أو التوقف الأحادي عن التنفيذ وعدم توثيق التفاهمات اللاحقة كتابة.

وبناءً على هذا الإطار النظامي والعملي، يأتي الحكم محل الدراسة ليقدم مثالاً واضحًا على كيفية تطبيق هذه المبادئ على حالة توقف صاحبة امتياز عن الطلبات مع بقاء الرسوم السنوية غير مسددة بالكامل.

المنهجية
يعتمد هذا البحث على منهج تحليلي وصفي، يقوم على:

استقراء الإطار النظامي لعقود الامتياز التجاري في السعودية، مع التركيز على الجوانب المتعلقة بإنهاء العقد أو فسخه، وقواعد الإثبات أمام المحكمة التجارية.
تحليل نص الحكم القضائي محل الدراسة تحليلاً تفصيليًا، من حيث الوقائع والبينة ومنطوق الحكم وأسبابه، مع الإشارة إلى موقف الاستئناف.
استخلاص قاعدة قضائية عملية حول الآثار المالية للتوقف الأحادي عن التنفيذ، ومدى اعتباره إنهاءً صحيحًا لعقد الامتياز التجاري أو فسخه.
وانطلاقًا من هذا المنهج، يمكن تلخيص الوقائع الأساسية للحكم على النحو الآتي:

أبرم مانح الامتياز (المدعية) مع المدعى عليها عقد امتياز تجاري نصّ في أحد بنوده – البند (11) – على استحقاق مانح الامتياز مبلغ (50,000) ريال سنويًا يدفع مقدمًا.
سددت المدعى عليها جزءًا من هذا المقابل السنوي، ثم توقفت عن تقديم الطلبات والاستفادة من حق الامتياز من تلقاء نفسها، دون إشعار مكتوب بالإنهاء أو طلب فسخ عقد الامتياز التجاري.
رفعت المدعية دعوى أمام المحكمة التجارية بطلب إلزام المدعى عليها بسداد مبلغ (20,000) ريال باعتباره المبلغ المتبقي في ذمتها من الرسوم السنوية.
قدّمت المدعية دعمًا لدعواها يتمثل في: عقد الامتياز، إيصال الدفع الجزئي، بعض الرسائل النصية المتبادلة، ومستند يثبت توقف المدعى عليها عن الطلبات دون عذر مكتوب.
دفعت المدعى عليها بأن ما تم دفعه يمثل القيمة الكاملة للعقد، وبأن المدعية هي التي أخلّت بالتوريد؛ إلا أنها لم تقدّم بينة مكتوبة تؤكد هذه الادعاءات.
وقد اختيرت هذه السابقة بالذات – كما يوضح المحكَّم والمحامي محمد المزيّن – لأنها تعكس موقفًا متكررًا في سوق الامتياز التجاري، حيث يتعامل بعض أصحاب الامتياز مع التوقف عن الطلبات على أنه إنهاء فعلي للعقد، بينما تظل الالتزامات المالية قائمة من الناحية النظامية لعدم تحقق شروط الإنهاء أو الفسخ كتابةً.

النتائج
تكشف دراسة الحكم محل البحث في ضوء موضوع إنهاء عقد الامتياز التجاري عن النتائج الرئيسة الآتية:

التوقف عن الطلبات لا يُعد إنهاءً صحيحًا للعقد
لم تعتبر المحكمة توقف المدعى عليها عن الطلبات دون إشعار مكتوب أو اتفاق على الإنهاء أو الفسخ، سببًا لإسقاط الالتزامات المالية، بل تعاملت مع هذا التوقف بوصفه تصرفًا أحاديًا لا ينفي استمرار العقد من حيث آثاره المالية.
استمرار استحقاق المقابل المالي السنوي ما لم يثبت الإنهاء أو التعديل كتابةً
بناءً على نص البند (11) من عقد الامتياز، اعتبرت المحكمة أن مانح الامتياز يستحق مبلغ (50,000) ريال سنويًا، وأن ما سددته المدعى عليها لا يغطي كامل المبلغ، فبقي في ذمتها (20,000) ريال لعدم وجود ما يثبت الإنهاء النظامي للعقد أو تعديل المقابل المالي.
نقل عبء إثبات السداد الكامل أو الاتفاق على تعديل الرسوم إلى صاحبة الامتياز
بعد أن قدّمت المدعية عقد الامتياز وإيصال الدفع الجزئي وسائر مستنداتها، انتقل عبء الإثبات إلى المدعى عليها لتثبت السداد الكامل أو تخفيض المقابل المالي أو إسقاطه، وهو ما لم تنهض به لغياب أي محرر مكتوب يؤيد ادعاءاتها.
ضعف حجية الدفوع غير المؤيدة ببينة مكتوبة
لم تعوِّل المحكمة على دفوع المدعى عليها المتعلقة باتفاق مزعوم على اعتبار المبلغ المدفوع سدادًا كاملاً، أو ادعائها إخلال المدعية بالتوريد؛ لعدم وجود مستندات مكتوبة تدعم هذه الأقوال.
انسجام قضاء الاستئناف مع منهج محكمة الدرجة الأولى
تأييد محكمة الاستئناف للحكم الابتدائي محمولًا على أسبابه يعكس قبولًا قضائيًا لمنهج التحليل الذي اتبعته المحكمة الأولى في التعامل مع آثار التوقف الأحادي والتزامات الأطراف في عقد الامتياز التجاري.
وتُظهر هذه النتائج – في تقدير المحكَّم والمحامي محمد المزيّن – أن القضاء التجاري السعودي يتجه إلى حماية استقرار عقود الامتياز واحترام ما يتضمّنه العقد المكتوب من التزامات، مع تحميل الطرف الذي يدّعي الإنهاء أو السداد الكامل عبء تقديم بينة مكتوبة واضحة على ما يدعيه.

المناقشة
غير أن هذه النتائج لا تكتمل دلالتها إلا إذا نوقشت في ضوء الواقع العملي لعقود الامتياز التجاري وآليات إنهائها أو فسخها. ويمكن تناول أهم الدلالات كما يأتي:

  1. الفرق بين الإنهاء المنظّم والتوقف الأحادي عن التنفيذ
    يفرّق الحكم بوضوح بين إنهاء أو فسخ عقد الامتياز التجاري وفقًا لبنود العقد والنظام، وبين التوقف الأحادي عن التنفيذ. فالإنهاء المنظّم يستلزم – في العادة – سببًا مشروعًا، وإشعارًا مكتوبًا، ومراعاةً للمهل المحددة، وربما تسوية مكتوبة لآثاره المالية. أما التوقف الأحادي عن الطلبات أو التشغيل دون إشعار أو اتفاق، فلا يغيّر من المركز النظامي للعقد، ولا يعفي صاحبه من الالتزامات المالية القائمة.

وهنا ينبه المحكَّم والمحامي محمد المزيّن إلى أن صاحب الامتياز الذي يقرّر التوقف من تلقاء نفسه عن الطلبات أو إغلاق الفرع دون اتباع مسار الإنهاء أو الفسخ المنصوص عليه في العقد، يعرّض نفسه لمطالبات مالية لاحقة قد تقضي بها المحكمة لصالح مانح الامتياز، حتى لو كان النشاط متوقفًا فعليًا.

  1. الأثر المالي للإنهاء غير المنظّم لعقد الامتياز
    تؤكد السابقة أن التوقف عن التنفيذ لا يعني سقوط الرسوم السنوية أو المقابل المالي المتفق عليه. فصاحبة الامتياز في هذه القضية اعتقدت أن سداد جزء من الرسوم مع توقفها عن الطلبات يكفي لإنهاء الالتزام، غير أن المحكمة رأت عكس ذلك؛ إذ ظل المبلغ المتبقي في ذمتها ثابتًا بالعقد وإيصال الدفع الجزئي.

وبناءً على ذلك، فإن أي جهة تفكر في فسخ عقد الامتياز التجاري أو إنهائه يجب أن تقيم حساباتها القانونية والمالية بدقة، وأن توثّق كل ما يتفق عليه بشأن الرسوم أو التسويات في محررات مكتوبة، وإلا بقي العقد الأصلي هو المرجع الملزم عند النزاع.

  1. انعكاسات الحكم على صياغة عقود الامتياز التجاري
    من منظور صياغة العقود، يبعث الحكم برسائل مهمة لمانحي الامتياز وأصحاب العلامات التجارية، من أهمها:

ضرورة تضمين عقود الامتياز نصوصًا واضحة ومفصلة بشأن: شروط إنهاء عقد الامتياز التجاري أو فسخه، والإجراءات السابقة على الإنهاء، وآثاره المالية، والرسوم المستحقة عند الإنهاء المبكر.
النص على وجوب أن يكون الإنهاء أو الفسخ والإعفاء من الرسوم بموجب إشعار واتفاق مكتوب، حتى لا تفتح مساحة للادعاءات الشفهية.
ولذلك يوصي المحكَّم والمحامي محمد المزيّن بأن تُراجع عقود الامتياز القائمة في ضوء هذا التوجه القضائي، وأن تُعدَّل بنودها بما يحدّد بدقة مركز كل طرف عند الإنهاء أو الفسخ، خصوصًا فيما يتعلق بالرسوم السنوية أو مقدم الامتياز.

  1. دور البينة المكتوبة في إعادة توصيف العلاقة عند النزاع
    تبيّن هذه السابقة أن القاضي التجاري ينطلق من العقد المكتوب ومستندات السداد والمراسلات الرسمية لتوصيف العلاقة القانونية بين الطرفين؛ هل انتهت بالفعل؟ أم ما تزال قائمة من حيث الالتزامات؟ وفي غياب محرر مكتوب يدل على الإنهاء أو التسوية أو تعديل المقابل المالي، يبقى الأصل هو استمرار الالتزام كما ورد في العقد.

ومن واقع الخبرة العملية، يلاحظ المحكَّم والمحامي محمد المزيّن أن كثيرًا من المنازعات كان يمكن تفاديها لو أن الأطراف وثّقوا اتفاقات التخفيض أو الإعفاء من الرسوم، أو شروط الإنهاء المبكر، في ملاحق عقدية موقعة بدل الاكتفاء بتفاهمات شفوية أو مراسلات عابرة.

  1. موقع التحكيم التجاري في منازعات الامتياز
    في عدد غير قليل من عقود الامتياز التجاري تتضمن العقود شرطًا باللجوء إلى التحكيم التجاري بدلاً من المحكمة، وهو ما يفتح مجالًا لاختيار محكّم متخصص وإجراءات أكثر مرونة تتناسب مع طبيعة العلاقة. ويمكن لمن يرغب في فهم أوسع لدور التحكيم في هذا النوع من المنازعات الرجوع إلى مقال:

التحكيم التجاري في السعودية – الإطار النظامي ودور الأطراف في اختيار المحكمين

، وإلى مقال:

إجراءات التحكيم التجاري في السعودية خطوة بخطوة
.

كما أن إشكالات الإنهاء والفسخ لا تقتصر على عقود الامتياز، بل تتكرر بصورة أكبر في عقود المقاولات وعقود EPC ذات القيم العالية والمدد الطويلة، حيث يكون اللجوء إلى التحكيم هو الأداة المفضلة لحسم النزاعات. ولمن يرغب في تعمّق أكبر في هذا الجانب يمكن مراجعة مقال:

التحكيم في عقود EPC ومشروعات الإنشاءات في السعودية

، ومقال:

إثبات الدعوى في تحكيم منازعات المقاولات والإنشاءات
.

الأسئلة الشائعة حول إنهاء عقد الامتياز التجاري في السعودية

  1. هل يمكن إلغاء أو إنهاء عقد الامتياز التجاري قبل انتهاء مدته؟

يمكن إنهاء عقد الامتياز التجاري قبل انتهاء مدته إذا توفّرت حالة من الحالات المنصوص عليها في العقد أو في نظام الامتياز التجاري، مثل الإخلال الجسيم بالالتزامات، أو وقوع غش أو تدليس، أو اتفاق الطرفين كتابةً على الإنهاء. أمّا الاكتفاء بالتوقف عن الطلبات أو عدم تشغيل المشروع من طرف واحد، دون اتباع آلية الإنهاء العقدية أو النظامية، فلا يُعد إنهاءً صحيحًا للعقد، وقد يبقى معه المقابل المالي مستحقًا كما ظهر في الحكم محل الدراسة.

  1. ما هي أهم أسباب فسخ عقد الامتياز التجاري في النظام السعودي؟

أهم أسباب فسخ أو إنهاء عقد الامتياز التجاري تتمثل في الإخلال الجسيم بالتزامات العقد (مثل عدم سداد الرسوم، أو انتهاك سياسات العلامة، أو عدم الالتزام بمعايير الجودة)، أو استعمال العلامة في غير نطاق الاتفاق، أو إساءة السمعة التجارية، أو مخالفات نظامية تؤثر على استمرار النشاط. وتُحدَّد هذه الأسباب في المقام الأول بنصوص العقد نفسه، ثم بما يقرره نظام الامتياز التجاري والأنظمة التجارية الأخرى ذات الصلة.

  1. ماذا يحدث إذا قرر صاحب الامتياز إنهاء العقد من طرف واحد وتوقف عن الطلبات فقط؟

التوقف عن الطلبات أو التشغيل من جانب صاحب الامتياز وحده، دون إشعار مكتوب أو اتفاق واضح على إنهاء أو فسخ عقد الامتياز، لا يعفيه من الالتزامات المالية الثابتة في العقد. الحكم محل الدراسة مثال واضح؛ إذ اعتبرت المحكمة أن توقف المدعى عليها عن الطلبات بمحض إرادتها لا يُسقط المبلغ المتبقي في ذمتها، فقضت بإلزامها بدفع (20,000) ريال رغم توقفها عن التعامل، لعدم ثبوت إنهاء نظامي للعقد أو تعديل للمقابل المالي.

  1. ما هي أفضل طريقة قانونية لإنهاء عقد الامتياز التجاري دون نزاعات؟

أفضل مسار هو العودة أولًا إلى عقد الامتياز وقراءة بنود الإنهاء والفسخ بدقة، ثم إرسال إشعار مكتوب بالطريقة والمواعيد المحددة في العقد، مع توثيق جميع المراسلات والتفاهمات. بعد ذلك يُفضَّل التفاوض على اتفاق إنهاء أو تسوية مكتوب يحدّد الآثار المالية والعملية للإنهاء. ويُنصح – كما يؤكد المحكَّم والمحامي محمد المزيّن – بطلب استشارة قانونية متخصصة قبل إرسال أي إشعار بالإنهاء أو فسخ عقد الامتياز التجاري، حتى تُصاغ المكاتبات والإجراءات بما ينسجم مع العقد والنظام ويقلّل من مخاطر النزاع القضائي لاحقًا.

الخاتمة
يؤكد هذا البحث أن إنهاء عقد الامتياز التجاري في السعودية إجراء قانوني منظم لا يتحقق بمجرد التوقف عن الطلبات أو الامتناع عن التنفيذ من جانب أحد الأطراف، وإنما يتطلب الالتزام بما يقرره العقد والنظام من آليات وشروط. وتبيّن سابقة الحكم التجاري رقم 4530435531 أن التوقف الأحادي عن تنفيذ عقد الامتياز، دون إشعار مكتوب أو اتفاق واضح على الإنهاء أو تعديل المقابل المالي، لا يحول دون استمرار استحقاق الرسوم المتفق عليها، ولا يعفي صاحب الامتياز من المبالغ المتبقية في ذمته.

كما تبرز السابقة قاعدة عملية مفادها أن الدفع الجزئي لمقابل ثابت بموجب عقد امتياز مكتوب ينقل إلى صاحب الامتياز عبء إثبات السداد الكامل أو وجود تسوية أو تعديل، وأن الادعاءات غير المؤيدة ببينة مكتوبة لا تكفي لإسقاط المديونية في ظل وجود محررات رسمية.

ومن ثم يرى المحكَّم والمحامي محمد المزيّن أن إدارة مرحلة إنهاء أو فسخ عقد الامتياز التجاري يجب أن تتم كعملية قانونية محسوبة، لا كخطوة تجارية عفوية؛ حفاظًا على المراكز النظامية للطرفين وتقليلًا للخسائر المالية المحتملة. ويُستحسن أن تبادر الشركات ومانحو الامتياز إلى مراجعة عقودهم القائمة واستشراف مخاطر الإنهاء المبكر بالتعاون مع مختصين في قضايا الامتياز والتحكيم التجاري.

مقالات ذات صلة بالتحكيم التجاري وإنهاء عقود الامتياز
للمزيد من التعمّق في موضوع التحكيم التجاري ومنازعات الامتياز والعقود يمكن الرجوع إلى:

مقال بعنوان:التحكيم التجاري في السعودية – الإطار النظامي ودور الأطراف في اختيار المحكمين
مقال بعنوان:إجراءات التحكيم التجاري في السعودية خطوة بخطوة
مقال بعنوان:التحكيم في عقود EPC ومشروعات الإنشاءات في السعودية
مقال بعنوان:طلب تعيين محكّم في الرياض – متى يُلجأ إليه وكيف يُقدَّم نظامًا؟
مقال بعنوان:إثبات الدعوى في تحكيم منازعات المقاولات والإنشاءات

ملخّص
يحلل هذا البحث حكمًا صادرًا عن المحكمة التجارية في السعودية، رقم 4530435531، أُلزمت فيه صاحبة امتياز تجاري بسداد مبلغ (20,000) ريال متبقٍ من الرسوم السنوية لعقد الامتياز، رغم توقفها عن الطلبات دون اتباع آلية نظامية لإنهاء العقد. يبيّن المقال كيف يتعامل القضاء السعودي مع مسألة إنهاء أو فسخ عقد الامتياز التجاري، ويستخلص قاعدة مؤداها أن التوقف الأحادي عن التنفيذ لا يُعد إنهاءً صحيحًا للعقد ولا يسقط المديونية ما لم يثبت الإنهاء أو التعديل ببينة مكتوبة. كما يقدّم البحث – بقلم المحكَّم والمحامي محمد المزيّن – توصيات عملية لمانحي الامتياز وأصحاب الامتياز حول صياغة عقودهم وإدارة إجراءات الإنهاء أو الفسخ واللجوء إلى التحكيم التجاري عند الاقتضاء.

“`