يُعد الإثبات حجر الأساس في أي نظام قانوني، حيث يُشكل الوسيلة التي يتم من خلالها تأكيد الحقوق وإقامة العدالة. وتختلف طرق الإثبات باختلاف طبيعة النزاع والقوانين المنظمة له، وتشمل الأدلة الكتابية، والشهادة، والقرائن، والإقرار، والخبرة، والمعاينة، وغيرها من الوسائل التي تسهم في كشف الحقيقة. ولكل طريقة من هذه الطرق أهميتها الخاصة، حيث تساعد في تقديم صورة واضحة للقاضي حول الوقائع المتنازع عليها.
ومن هنا تأتي ضرورة دراسة طرق الإثبات وفهم مدى حجيتها في القانون وأثرها في تحقيق العدالة وضمان الحقوق، وفي هذا السياق يقدم محمد المزين للمحاماة مقالاً عن طرق الإثبات وأهمية كل منها في تحقيق العدالة.
ما القواعد الأساسية للإثبات في الدعوى؟
يتحمل المدعي مسؤولية إثبات ما يدعيه من حقوق، بينما يكون للمدعى عليه الحق في دفع هذا الادعاء ونفيه. ويشترط أن تكون الوقائع المطلوب إثباتها ذات صلة مباشرة بالدعوى، وأن تؤثر في نتيجتها، وأن تكون مقبولة قانونًا. كما يُمنع القاضي من إصدار حكم استنادًا إلى معرفته الشخصية، بل يجب أن يستند إلى الأدلة المطروحة أمامه.
هل يمكن للأطراف الاتفاق على قواعد الإثبات؟
يجوز للخصوم الاتفاق على قواعد محددة للإثبات، وعلى المحكمة الالتزام بهذا الاتفاق، شريطة ألا يكون مخالفًا للنظام العام. ولا يُعتد بهذا الاتفاق إلا إذا كان مكتوبًا وفقًا لما ينص عليه هذا النظام.
مدى اعتبار الإقرار حجة في الإثبات وما هي أنواع الإقرار؟
يعتبر الإقرار القضائي حجة في الإثبات ويكون له نوعين هما:-
الإقرار القضائى:
إذا قام الخصم بالاعتراف أمام المحكمة بواقعة مدعى بها عليه أثناء نظر الدعوى المتعلقة بهذه الواقعة.
أما الإقرار غير القضائي:
فهو الذي يتم خارج المحكمة أو يقع أثناء السير في دعوى أخرى غير متعلقة بالواقعة محل الإقرار.
ما شروط صحة الإقرار؟
- يشترط لصحة الإقرار أن يكون المقر أهلاً للتصرف فيما أقر به.
- يكون إقرار الصغير المميز المأذون له في البيع والشراء صحيحًا، ولكن في حدود ما أُذن له فيه.
- يعتد بالإقرار الصادر عن الوصي أو الولي أو ناظر الوقف أو من في حكمهم، بشرط أن يكون في نطاق صلاحياتهم وولايتهم.
ما تعريف المحرَّر الرسمي وحجيته؟
يُعد المحرَّر رسميًا إذا قام موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة بتوثيق ما جرى على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن، وفقًا للإجراءات النظامية، وفي حدود سلطته واختصاصه. أما إذا لم يستوفِ المحرَّر هذه الشروط، فإنه يُعامل كمحرَّر عادي، بشرط أن يكون موقعًا من قِبل ذوي الشأن.
ما حجية المحرَّر العادي وإمكانية إنكاره؟
يُعتبر المحرَّر العادي صادراً ممن وقَّعه، ويُعد حجة عليه، ما لم ينكر صراحةً ما نُسب إليه من خط أو إمضاء أو ختم أو بصمة. كما يجوز لخلفه إنكار ذلك أو نفي علمه بأن الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة تعود لمن تلقوا عنه الحق.
أما من احتُج عليه بمحرَّر عادي وقام بمناقشة موضوعه أمام المحكمة، فلا يُقبل منه بعد ذلك إنكار صحته أو الادعاء بعدم علمه بأنه صادر عمّن تلقى عنه الحق.
كيف تتعامل المحكمة مع إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة؟
إذا أنكر الشخص الذي احتُج عليه بمحرَّر عادي خطه أو إمضاءه أو ختمه أو بصمته، أو أنكر ذلك خلفه أو نائبه أو نفى علمه به، وبقي الخصم الآخر متمسكًا بالمحرَّر، وكان المحرَّر مؤثرًا في النزاع، ولم تكفِ وقائع الدعوى ومستنداتها لإثبات صحته، فعلى المحكمة أن تأمر بالتحقيق. يتم ذلك إما عن طريق المضاهاة، أو سماع الشهود، أو كليهما معًا، وفقًا للإجراءات المنصوص عليها في النظام. ولا يُسمع الشهود إلا فيما يخص إثبات حصول الكتابة أو الإمضاء أو الختم أو البصمة على المحرَّر.
هو الدليل الرقمي وما أنواعه؟
- يُعتبر دليلًا رقميًا كل إثبات مستمد من بيانات يتم إنشاؤها أو إصدارها أو تسليمها أو حفظها أو إرسالها عبر وسيلة رقمية، بشرط أن تكون قابلة للاسترجاع أو الاطلاع عليها بصيغة يمكن فهمها.
-
أنواع الأدلة الرقمية
يشمل الدليل الرقمي ما يلي:
- السجل الرقمي.
- المحرَّر الرقمي.
- التوقيع الرقمي.
- المراسلات الرقمية، بما في ذلك البريد الإلكتروني.
- وسائل الإتصال.
- الوسائط الرقمية.
- أي نوع آخر من الأدلة الرقمية.
متى يكون الإثبات بالكتابة واجبًا وما حدود قبول شهادة الشهود؟
يجب أن يكون التصرف مكتوبًا إذا تجاوزت قيمته (مائة ألف ريال أو ما يعادلها)، أو إذا كان غير محدد القيمة.
أما عن حدود قبول شهادة الشهود، فلا يجوز إثبات وجود التصرفات المذكورة أو انقضائها بشهادة الشهود، إلا إذا وُجد اتفاق أو نص قانوني يجيز ذلك.
مدى اعتبار القرائن وحجية الأمر المقضي من طرق الإثبات؟
- القرائن التي يقرها الشرع أو النظام تُغني من تقررت لمصلحته عن اللجوء إلى وسائل إثبات أخرى، ما لم يوجد نص يخالف ذلك. ومع ذلك، يجوز الطعن في دلالتها باستخدام أي وسيلة إثبات أخرى.
- تُعد الأحكام التي اكتسبت حجية الأمر المقضي دليلًا قاطعًا فيما فصلت فيه من حقوق، ولا يجوز تقديم أي دليل لنقض هذه الحجية. ولا تكتسب هذه الأحكام حجيتها إلا إذا كان النزاع بين ذات الخصوم، دون تغيير في صفاتهم، وكان متعلقًا بنفس الحق من حيث الموضوع والسبب. وعلى المحكمة أن تحكم بهذه الحجية من تلقاء نفسها.
متى يمكن الاستدلال بالعرف في الإثبات؟
يجوز الاعتماد على العرف أو العادة المتبعة بين الخصوم كوسيلة إثبات، وذلك في المسائل التي لم يرد بشأنها نص خاص أو اتفاق بين الأطراف، بشرط ألا يكون ذلك مخالفًا للنظام العام.
ما أنواع اليمين في الإثبات؟
اليمين الحاسمة:
هي اليمين التي يؤديها المدعى عليه لدحض الدعوى الموجهة ضده، ويجوز له ردها على المدعي، وفقًا لما ينص عليه هذا النظام.
اليمين المتممة:
هي اليمين التي يؤديها المدعي لاستكمال أدلته وتعزيز بينته، ولا يجوز ردها على المدعى عليه، وذلك وفقًا للأحكام النظام.
مدى اعتبار المعانية طريقة من طرق الإثبات ؟
للمحكمة -من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم- أن تقرر معاينة المتنازع فيه، وتحدد في قرار المعاينة تاريخها ومكانها، ويبلغ به من كان غائباً من الخصوم قبل الموعد المقرر بـ(أربع وعشرين) ساعة على الأقل.
للمحكمة ندب خبير للاستعانة به في المعاينة، ولها سماع من ترى سماعه من الشهود.
متى تعين المحكمة خبيرًا وما ضوابط اختياره؟
-
تعيين الخبير
يجوز للمحكمة، سواء من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب أحد الخصوم، ندب خبير أو أكثر لتقديم رأي فني في المسائل التي يتطلبها الفصل في الدعوى.
-
معايير اختيار الخبير
يجب أن تتناسب خبرة ومعرفة الخبير الفنية مع موضوع النزاع لضمان تحقيق العدالة.
-
اتفاق الخصوم على الخبير
إذا اتفق الخصوم على تعيين خبير معين، فعلى المحكمة إقرار اختيارهم ما لم يوجد ما يمنع ذلك.
في الختام تُعد طرق الإثبات من الركائز الأساسية لتحقيق العدالة، حيث تتيح للمحكمة التحقق من صحة الادعاءات والفصل في النزاعات بناءً على أدلة واضحة وموثوقة. وتتفاوت أهمية كل طريقة من حيث قوتها القانونية، إذ تُعد الأدلة الكتابية والقرائن القاطعة من أقوى وسائل الإثبات، بينما تأتي الشهادة واليمين والخبرة لتعزز الحقيقة وتسد الثغرات عند الحاجة.
إن فهم هذه الطرق وآليات تطبيقها يسهم في ضمان حقوق الأطراف ويعزز الثقة في النظام القضائي. لذا، من الضروري للأفراد والشركات الإلمام بأساليب الإثبات القانونية لضمان حماية مصالحهم في المعاملات والتعاقدات. ويعد محمد المزين للمحاماة واحد من أفضل مكاتب المحاماة بالرياض، وذلك لخبراتنا التي تفوق 10 سنوات في مجال التقاضي والإثبات. نقوم بتمثيل عملائنا أمام كافة درجات التقاضي والتحكيم.