فسخ عقد الامتياز التجاري في النظام السعودي: قراءة في سابقة قضائية حول بطلان الفسخ لعدم تسليم دليل التشغيل

جدول المحتويات

فسخ عقد الامتياز التجاري في النظام السعودي: قراءة في سابقة قضائية حول بطلان الفسخ لعدم تسليم دليل التشغيل

المقدمة التمهيدية

تثير منازعات فسخ عقد الامتياز التجاري في السوق السعودي أسئلة عملية بالغة الأهمية أمام الشركات مانحة الامتياز وأصحاب الامتياز على حد سواء، ولا سيما عندما يرتبط الفسخ بادعاءات وجود مخالفات تشغيلية أو تعاقدية. في الحكم محل هذا المقال، نظرت الدائرة التجارية الخامسة بالمحكمة التجارية دعوى أقامها ممنوح امتياز يطعن في مشروعية فسخ مانح الامتياز للعقد، مستندًا إلى أن الفسخ تم بسوء نية، ودون الالتزام بواجبات مانح الامتياز النظامية، وعلى رأسها تسليم دليل التشغيل (كتيبات التشغيل).ومن خلال خبرة المحامي والمحكَّم محمد المزيّن في قضايا الامتياز التجاري والنزاعات التجارية، يقدّم هذا المقال للقارئ إرشادات عملية مستندة إلى هذه السابقة القضائية، توضح كيف يمكن إدارة عقود الامتياز وفسخها أو إنهائها بطريقة متوافقة مع النظام، وتقلّل من المخاطر القانونية على الشركات والمستثمرين.هذا المقال يقدّم قراءة تحليلية لحكم قضائي تجاري قضى بـ بطلان فسخ عقد الامتياز التجاري لعدم تسليم دليل التشغيل، ويستهدف بالدرجة الأولى الشركات المالكة للعلامات التجارية، وشركات الامتياز، والمستثمرين، ومديري الشؤون القانونية، داخل المملكة أو في الشركات الخليجية المتعاملة مع السوق السعودي، مع التركيز على الدروس العملية في صياغة وتنفيذ وإنهاء عقود الامتياز، وفق إرشادات مهنية يضعها المحامي والمحكَّم محمد المزيّن أمام القارئ.

ماذا ستقرأ في هذا المقال؟

  • الإطار النظامي لفسخ عقد الامتياز التجاري في السعودية، وفق نظام الامتياز التجاري ونظام المحاكم التجارية، مع توجيهات المحامي محمد المزيّن حول كيفية الاستفادة منه.
  • عرض موجز لوقائع النزاع محل الحكم، وأبرز دفوع الطرفين أمام المحكمة التجارية.
  • استخلاص القاعدة القضائية من الحكم، وبيان أثر عدم تسليم دليل التشغيل على مشروعية فسخ عقد الامتياز.
  • إرشادات عملية يقدّمها المحامي والمحكَّم محمد المزيّن لما يعنيه هذا الحكم للشركات مانحة الامتياز وأصحاب الامتياز في السوق السعودي والخليجي.
  • بيان خدمات مكتب المحكَّم والمحامي محمد المزيّن في منازعات الامتياز التجاري، مع خاتمة عملية وأسئلة شائعة، ثم ملخص لنص الحكم وبياناته الأساسية.

نبذة عن الكاتب

المحامي والمحكَّم محمد المزيّن، بخبرة تمتد لأكثر من خمسة عشر عامًا، متخصص في قضايا المقاولات والنزاعات الإنشائية والعقود الحكومية وعقود الامتياز التجاري. حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق من جامعة الملك سعود بالرياض عام 2009م، ويمتلك خبرة عملية واسعة من خلال عمله مع عدد من الشركات الوطنية الكبرى، منها مجموعة المجدوعي، وشركة بن زقر، وشركة الاستثمارات التعدينية المتحدة، وشركة الموارد المساهمة المدرجة، وشركة البترول الذهبي للاستثمار.

ومن واقع هذه الخبرة، يقدّم الكاتب في هذا المقال توجيهات قانونية عملية للقارئ حول كيفية التعامل مع فسخ عقود الامتياز التجاري، استنادًا إلى النصوص النظامية والاتجاهات القضائية الحديثة.

ما الإطار النظامي لفسخ عقد الامتياز التجاري في السعودية؟

يخضع فسخ عقد الامتياز التجاري في المملكة لإطار نظامي مزدوج، يتكوّن من الأنظمة العامة المنظمة لاختصاص المحاكم، والأنظمة الخاصة بعقد الامتياز نفسه، إضافة إلى ما يقرره العقد من أحكام تفصيلية، وذلك على النحو الآتي:

  1. نظام المحاكم التجارية:
    نصّت المادة (16) منه على اختصاص المحكمة التجارية بنظر المنازعات الناشئة عن عقود الامتياز التجاري، وهو ما استندت إليه الدائرة التجارية الخامسة لتقرير اختصاصها بنظر الدعوى الماثلة.
  2. نظام الامتياز التجاري:
    من أهم ما يرتبط بالحكم محل التحليل من أحكام هذا النظام:

    • المادة الثامنة: التي تلزم مانح الامتياز – ما لم يُتفق على خلاف ذلك كتابة – بتحديد نموذج عمل الامتياز بشكل تفصيلي، وبيان المعايير والتعليمات، وتزويد صاحب الامتياز بكتيبات التشغيل التي تمكّنه من تشغيل المشروع وفق المعايير المعتمدة.
    • المادة الثامنة عشرة: التي تنظّم حالات فسخ اتفاقية الامتياز عند إخلال صاحب الامتياز بالتزاماته الجوهرية، مع منحه مهلة لمعالجة الإخلال بعد إشعاره كتابيًا وفقًا للضوابط المحددة.
  3. اتفاقية الامتياز نفسها:
    تضمنت الاتفاقية محل النزاع أحكامًا تُلزم ممنوح الامتياز بتصحيح المخالفات خلال مدة (30) يومًا من استلام الإنذار، وتقديم دليل مقبول على التصحيح، كما احتوت على نصوص تمنح مانح الامتياز حق إنهاء أو عدم تجديد الاتفاقية في حالات الإخلال الجوهري من جانب الممنوح، وهو ما استندت إليه الشركة المدعى عليها لتبرير الفسخ.

ومن خلال هذا الإطار يتضح أن مشروعية فسخ عقد الامتياز التجاري لا تتوقف فقط على وجود إنذارات ومخالفات منسوبة لصاحب الامتياز، بل تتطلب أيضًا التحقق من قيام مانح الامتياز بواجباته الجوهرية، وفي مقدمتها تسليم دليل التشغيل وتمكين الممنوح من تشغيل العلامة وفق النموذج المعتمد.

ماذا يوصي به المحامي والمحكَّم محمد المزيّن في ضوء هذا الإطار؟

يرى المحامي والمحكَّم محمد المزيّن أن على الشركات مانحة الامتياز وأصحاب الامتياز أن:

  • يتعاملوا مع نصوص نظام الامتياز التجاري باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من العقد، فلا يُكتفى بقراءة بنود الاتفاقية دون استحضار الالتزامات النظامية.
  • يحرصوا عند صياغة أو مراجعة عقود الامتياز على النص بوضوح على:
    • آلية تسليم دليل التشغيل وكتيباته.
    • طريقة توثيق ما تم تسليمه من أدلة تشغيل وتدريب.
    • تسلسل واضح للإنذارات، مع بيان آثار كل خطوة.
    • يُدرجوا في سياساتهم الداخلية نموذجًا موحّدًا لإجراءات الفسخ أو عدم التجديد، يراعي الضوابط النظامية والاتجاهات القضائية، حتى لا يكون قرار الفسخ عرضة للحكم بالبطلان.

ما وقائع السابقة القضائية محل التحليل؟ وما عناصرها الرئيسة؟

1. أطراف النزاع وطبيعة العلاقة

المدعي: مؤسسة تجارية (ممنوح امتياز) مرتبطة بعقد امتياز رئيسي.
المدعى عليها: شركة (…) للأكلات (…) (مانح الامتياز).
موضوع العلاقة: اتفاقية امتياز رئيسي لمدة (15) سنة، موقعة بتاريخ 4/2/1441هـ الموافق 13/10/2019م، تتعلق بمنح امتياز للعلامة التجارية في دولتين (…)، مع حصر النزاع – لاحقًا – على عقد الامتياز الخاص بدولة واحدة منهما، بناءً على إقرار الطرفين أمام الدائرة.

2. ملخص دعوى المدعي

أقام المدعي دعواه طالبًا الحكم بـ بطلان فسخ العقد الصادر من المدعى عليها بتاريخ 6/9/2021م، وارتكز في دعواه – وفق ما عرضه على المحكمة – على جملة من النقاط، من أهمها:

  • أن المدعى عليها فسخت العقد بلا مسوّغ شرعي أو نظامي، وأن الأسباب المذكورة في خطاباتها لا أساس لها من الصحة، وقد تم الرد عليها.
  • أن المدعى عليها لم تتحقق من مدى تصحيح الملاحظات – إن وجدت – وأن الغاية من مراسلاتها كانت استكمال مدة (60) يومًا للوصول إلى الفسخ.
  • أن الممنوح افتتح أول فرع في مدينة (…) بتاريخ 29 أكتوبر 2020م أثناء جائحة كورونا، وحقق مبيعات كبيرة منذ الشهر الأول (بلغت أكثر من 1,4 مليون تقريبًا)، رغم عدم التزام المدعى عليها بتنفيذ التزاماتها.
  • أن المدعى عليها لم تسلّم دليل التشغيل الذي يمثل جوهر الامتياز التجاري، ومع ذلك استمرت في تحصيل الإتاوات الشهرية دون أن تقوم بما يمليه عليها العقد من دعم وتشغيل.
  • أن المدعى عليها – بحسب ما ذكره المدعي – سعت إلى الاستحواذ على السوق في دولة (…) بعد أن تبين لها الطلب الكبير على العلامة، فبحثت عن ذريعة للتعسف في الفسخ وإقصاء المدعي عن السوق.

3. دفاع المدعى عليها (مانح الامتياز)

قدمت المدعى عليها مذكرات جوابية تمحورت حول ما يلي:

  • أن فسخ عقد الامتياز تم بتاريخ 6/9/2021م وفقًا للإجراءات النظامية، وبعد إرسال إشعارين بالمخالفات في تاريخي 5/8/2021م و24/8/2021م، وفقًا لما نصت عليه اتفاقية الامتياز.
  • الاستناد إلى المادة (18) من نظام الامتياز التجاري، التي تنظّم فسخ العقد عند إخلال صاحب الامتياز بالتزاماته الجوهرية وعدم معالجتها خلال المدة المحددة.
  • الإشارة إلى وجود سبعة عشر مخالفة جوهرية منسوبة للمدعي، وعدم تقديمه ما يثبت تصحيحها خلال مدة (30) يومًا المحددة في العقد.
  • الدفع بأن ما ذكره المدعي عن عدم تسليم دليل التشغيل غير صحيح، وأنه لو كان الأمر كذلك لكان من المتعين عليه مخاطبة مانح الامتياز رسميًا.
  • التمسك بأن افتتاح أحد الفروع تم بمخالفة الاتفاق، من خلال توكيل طرف آخر (وكيل بالباطن)، وباستخدام اتفاقيات غير معتمدة من مانح الامتياز.
  • نفي وجود أي شراكة في العلامة التجارية، والتأكيد على أن العلاقة هي علاقة امتياز تجاري تعاقدية، وليست شراكة في الملكية أو الأرباح.

4. مجريات الدعوى أمام الدائرة

عُقدت عدة جلسات عن بُعد، حاول فيها الطرفان التوصل إلى الصلح، إلا أن مساعي التسوية لم تُتوَّج باتفاق. وطلبت المحكمة من المدعي إرفاق كامل عقد الامتياز التجاري، كما طلبت من المدعى عليها تقديم ما يثبت مشروعية الفسخ ووجود المخالفات.
كما أقرّ وكيلا الطرفين بصحة التنازل عن عقد الامتياز الخاص بدولة (…) الأخرى، وحُصر الخلاف في عقد الامتياز الخاص بدولة واحدة.
وفي جلسة لاحقة، وجّهت الدائرة أسئلة جوهرية للمدعى عليها حول البينة على المخالفات التي استندت إليها في الفسخ، وسبب السكوت عن هذه المخالفات منذ بداية التعاقد حتى تاريخ خطاب الفسخ، ومدى الالتزام بتزويد المدعي بدليل التشغيل (كتيبات التشغيل) وفق المادة (8) من نظام الامتياز التجاري.
وقد أقرت المدعى عليها في مذكرتها المؤرخة في 16/7/1444هـ بعدم تسليم كتيبات التشغيل للمدعي.

هذه العناصر جعلت محور النزاع الحقيقي يدور حول السؤال الآتي: هل يملك مانح الامتياز حق فسخ العقد استنادًا إلى مخالفات منسوبة لصاحب الامتياز، في الوقت الذي لم يلتزم فيه هو بتسليم دليل التشغيل المنصوص عليه نظامًا؟

توجيه عملي من المحامي محمد المزيّن للقارئ

يوصي المحامي والمحكَّم محمد المزيّن أصحاب الامتياز ومانحيه بما يلي عند نشوء نزاع مشابه:

  • عدم الاكتفاء بالاتصالات الشفوية، بل توثيق كل المراسلات المتعلقة بالمخالفات أو القصور في التسليم والتشغيل.
  • طلب توضيح مكتوب من الطرف الآخر عند وجود ادعاء بوجود مخالفات أو إخلال بالالتزامات الجوهرية.
  • الاستعانة المبكرة بمحامٍ متخصص في الامتياز التجاري لصياغة الردود النظامية على الإنذارات، حتى لا تتحول إلى مستندات تُستغل لاحقًا في تبرير الفسخ.

الاستشارة القانونية

استنادًا إلى هذه السابقة القضائية، يرى المحامي والمحكَّم محمد المزيّن أن أي خطوة تتعلق بـ فسخ عقد الامتياز التجاري أو عدم تجديده يجب أن تُسبق بدراسة قانونية متعمقة لموقف الطرفين؛ لأن أي خطأ في ترتيب الإجراءات أو في تنفيذ الالتزامات الجوهرية – كعدم تسليم دليل التشغيل – قد يترتب عليه الحكم ببطلان الفسخ وتحميل الطرف الفاسخ مسؤوليات مالية وتعويضية.

للحصول على استشارة قانونية متخصصة حول فسخ عقد الامتياز التجاري، أو لمراجعة موقفكم النظامي قبل الإقدام على أي خطوة تتعلق بفسخ أو عدم تجديد اتفاقية امتياز، يمكنكم التواصل مع مكتب المحكَّم والمحامي محمد المزيّن؛ لدراسة حالتكم واقتراح المسار الأنسب في ضوء الأنظمة السعودية والاتجاهات القضائية ذات الصلة.

ماذا قررت المحكمة؟ وما القاعدة القضائية المستفادة؟

1. تقرير الاختصاص وصحة العلاقة التعاقدية

قررت المحكمة التجارية اختصاصها بنظر الدعوى استنادًا إلى المادة (16) من نظام المحاكم التجارية، على اعتبار أن النزاع ناشئ عن عقد امتياز تجاري. كما ثبت لديها وجود علاقة تعاقدية صحيحة بين مؤسسة المدعي وشركة المدعى عليها بموجب عقد الامتياز المؤرخ في 13/10/2019م، وأن المدعى عليها أقرت بصدور قرار الفسخ من جهتها بتاريخ 6/9/2021م.

2. تقييم دفوع الطرفين

تمسكت المدعى عليها بأن الفسخ متوافق مع نظام الامتياز التجاري والعقد، مستندة إلى الإنذارات وإهمال المدعي في تصحيح المخالفات.
في المقابل، أنكر المدعي وجود تلك المخالفات، واحتج بأن المدعى عليها لم تسلّمه دليل التشغيل، وأنه حتى على فرض وجود مخالفات، فإن عدم تسليم الدليل يحول دون تحميله كامل مسؤولية التشغيل وفق المعايير المعتمدة.

3. تطبيق المادة الثامنة من نظام الامتياز التجاري

وقفت الدائرة عند نص المادة (8) من نظام الامتياز التجاري، التي تلزم مانح الامتياز – ما لم يُتفق على خلاف ذلك – بتحديد نموذج عمل الامتياز بشكل تفصيلي، وبيان المعايير والتعليمات التي يتعين على صاحب الامتياز التقيد بها عند ممارسة أعمال الامتياز، بما يمكنه من تشغيل تلك الأعمال، وكذلك تزويده بكتيبات التشغيل.
ثم لاحظت المحكمة إقرار المدعى عليها صراحةً بعدم تسليم كتيبات التشغيل للمدعي في مذكرتها المؤرخة بتاريخ 16/7/1444هـ، وأن هذا الإقرار يعني أن مانح الامتياز لم يلتزم بالتزام جوهري يفرضه النظام، يتعلق بتمكين ممنوح الامتياز من تشغيل المشروع وفق نموذج الامتياز المعتمد.
كما رأت المحكمة أن ما دفع به المدعى عليه من إمكانية وصوله لقاعدة بيانات المبيعات وفواتيرها استنادًا إلى بند في العقد، لا يغيّر من حقيقة الإخلال بالتزام تسليم دليل التشغيل؛ إذ إن هذا الحق لا يعفي مانح الامتياز من تنفيذ التزامه الأصلي بتسليم دليل التشغيل.

4. النتيجة ومنطوق الحكم

انتهت الدائرة – بعد المداولة – إلى أن المدعى عليها خالفت نص المادة (8) من نظام الامتياز التجاري بعدم تسليم كتيبات التشغيل، وأن هذا الإخلال من جانب مانح الامتياز يُضعف استنادها إلى المخالفات المنسوبة لصاحب الامتياز، ويؤثر مباشرة في مشروعية الفسخ.
وبناءً عليه، قضت المحكمة بـ: بطلان فسخ العقد الصادر من المدعى عليها شركة (…) للأكلات (…) بتاريخ 6/9/2021م لعقد الامتياز المبرم بين مؤسسة (…) وشركة (…) للأكلات (…) والمؤرخ في 13/10/2019م؛ لما هو موضَّح بالأسباب.

القاعدة القضائية المستفادة من الحكم

يستخلص المحامي والمحكَّم محمد المزيّن من هذا الحكم القاعدة الآتية:
إذا لم يلتزم مانح الامتياز بتسليم كتيبات التشغيل والوثائق اللازمة لتمكين ممنوح الامتياز من تشغيل المشروع وفق نموذج الامتياز، فإن تمسّكه بمخالفات تشغيلية منسوبة لصاحب الامتياز لتبرير فسخ عقد الامتياز يكون محل نظر، ويُعرّض قرار الفسخ للحكم بالبطلان، ولو سبق الفسخ توجيه إنذارات بالمخالفات.

وينبّه الكاتب هنا القارئ إلى أن هذه القاعدة لا تعني تحصين صاحب الامتياز ضد المساءلة، لكنها تؤكد أن التزامات مانح الامتياز النظامية جزء أساسي من تقييم مشروعية أي فسخ.

ما دلالات هذا الحكم لعملاء مكتب محمد المزين للمحاماة؟

يحمل هذا الحكم عدة دلالات عملية للشركات العاملة في مجال الامتياز التجاري، ويقدّم المحامي والمحكَّم محمد المزيّن من خلاله التوجيهات الآتية:

1. للمانحين (أصحاب العلامات التجارية)

  • لا يكفي الاعتماد على وجود مخالفات مزعومة أو حتى ثابتة من جانب الممنوح، إذا لم يكن مانح الامتياز ذاته قد التزم بتسليم دليل التشغيل وكامل متطلبات التمكين التشغيلي.
  • الإنذارات النظامية ومراعاة المادة (18) من نظام الامتياز التجاري مهمة، لكنها لا تغني عن تنفيذ الالتزامات الجوهرية المنصوص عليها في المادة (8).
  • يوصي المحامي محمد المزيّن بأن تعتمد الشركات مانحة الامتياز آلية توثيق داخلية تشمل:
    • محاضر تسليم دليل التشغيل.
    • سجلات التدريب والتأهيل.
    • ما يثبت تزويد الممنوح بكل ما يساعده على تطبيق نموذج العمل المعتمد.

2. للممنوحين (أصحاب الامتياز)

  • يؤكد المحامي محمد المزيّن أن تسلّم دليل التشغيل ليس إجراءً شكليًا، بل هو عنصر جوهري في حماية الممنوح، ويمكن أن يكون أساسًا للطعن في مشروعية الفسخ أمام المحاكم.
  • يُوصي الممنوحين عند قصور دعم مانح الامتياز أو تأخر تسليم دليل التشغيل بأن:
    • يرسلوا خطابات رسمية موثقة يطالبون فيها بالدليل التشغيلي والتدريب اللازم.
    • يحتفظوا بسجل كامل للمراسلات والاجتماعات المتعلقة بالتشغيل والدعم الفني.
  • عند وصول الأمر إلى التهديد بالفسخ، ينصح المحامي محمد المزيّن بعدم الاكتفاء بردود إنشائية، بل إعداد رد قانوني متكامل يُظهر تقصير مانح الامتياز – إن وُجد – في تنفيذ التزاماته الجوهرية.

3. للمستثمرين ومديري الشؤون القانونية

  • يبيّن المحامي محمد المزيّن أن هذا الحكم يبرز أهمية الصياغة الدقيقة لبنود الفسخ، وتحديد ما يعد التزامًا جوهريًا على كل طرف، وآليات إثبات تنفيذ هذه الالتزامات.
  • كما يوصي بأن تتضمن سياسات حوكمة الشركات:
  1. مراجعة دورية لعقود الامتياز القائمة في ضوء الأنظمة والاتجاهات القضائية.
  2. وضع إجراءات داخلية مسبقة للفسخ (Pre-termination checklist) تشمل التأكد من:
  • تسليم دليل التشغيل.
  • تقديم التدريب والدعم الفني.
  • تمكين الممنوح من العمل وفق النموذج المعتمد قبل توجيه إنذارات جوهرية.

خدمات مكتب محمد المزيّن للمحاماة في قضايا الامتياز التجاري ( الفرنشايز )

  • صياغة ومراجعة اتفاقيات الامتياز التجاري بما يضمن وضوح بنود الفسخ، والتزامات مانح الامتياز والممنوح، وآليات التسليم والتشغيل والدعم الفني.
  • مراجعة المواقف النظامية للشركات قبل الفسخ أو عدم التجديد، وتقديم رأي قانوني مكتوب يقيّم مخاطر الفسخ أو الاستمرار في العلاقة التعاقدية.
  • تمثيل الشركات أمام المحاكم التجارية وهيئات التحكيم في المنازعات المتعلقة بإنهاء أو فسخ عقود الامتياز، سواء لصالح مانح الامتياز أو الممنوح.
  • إدارة التفاوض على تسويات منظمة في عقود الامتياز، تراعي السمعة التجارية للعلامة وتقلل من المخاطر القانونية والمالية على الأطراف.

الأسئلة الشائعة (FAQ)

1. هل يكفي إرسال إنذارات بالمخالفات لفسخ عقد الامتياز التجاري؟

إرسال الإنذارات شرط مهم، خاصة في ضوء نظام الامتياز التجاري، لكنه لا يكفي وحده. يشير المحامي محمد المزيّن إلى ضرورة أن يكون مانح الامتياز قد نفّذ التزاماته الجوهرية – ومنها تسليم دليل التشغيل – وإلا تعرّض قراره بالفسخ للطعن والبطلان كما في الحكم محل هذا المقال.

2. ما أثر عدم تسليم دليل التشغيل على مسؤولية صاحب الامتياز؟

عدم تسليم دليل التشغيل يُضعف إمكانية تحميل الممنوح مسؤولية المخالفات التشغيلية؛ لأن النظام يتطلب من مانح الامتياز تمكين الممنوح من التشغيل وفق نموذج واضح ومعايير محددة. ويرى المحامي محمد المزيّن أن للممنوح في هذه الحالة أن يستند إلى هذا الإخلال للطعن في مشروعية الفسخ والمطالبة بالتعويض عند توافر شروطه وأدلّته.

3. متى يكون التحكيم خيارًا مناسبًا في منازعات الامتياز التجاري؟

يكون التحكيم مناسبًا في عقود الامتياز ذات الطابع الدولي أو متعددة الأفرع، أو عندما يرغب الأطراف في سرية النزاع وسرعة الفصل، شريطة صياغة شرط تحكيم واضح ومتوافق مع الأنظمة السعودية، وعدم مخالفته للاختصاصات الحصرية للمحاكم. ويوصي المحامي محمد المزيّن بأن يُراجع شرط التحكيم من مختص قبل توقيع العقد.

4. ما المخاطر العملية للفسخ غير المنظم لعقد الامتياز؟

الفسخ غير المنظم قد يؤدي إلى الحكم ببطلان الفسخ وإلزام الطرف الفاسخ بتعويضات محتملة، إضافة إلى الإضرار بسمعة العلامة التجارية، وإطالة أمد النزاع أمام المحاكم أو هيئات التحكيم، وقد يؤثر على العلاقة مع الممنوحين الآخرين في شبكة الامتياز من حيث الثقة والاستقرار التعاقدي. لذلك يوصي المحامي محمد المزيّن بوضع خطة قانونية مسبقة قبل الإقدام على أي فسخ.

5. متى يُنصح بطلب استشارة قانونية متخصصة في عقود الامتياز؟

يُستحسن – بحسب توجيهات المحامي محمد المزيّن – طلب الاستشارة المتخصصة في المراحل الآتية: قبل توقيع عقد الامتياز، وعند تعديل نموذج العمل أو التزامات الدعم والتشغيل، وقبل إرسال إنذار جوهري أو اتخاذ قرار بالفسخ أو عدم التجديد، وعند تلقي إنذار بالفسخ أو دعوى قضائية متعلقة بالامتياز.

نص الحكم وبياناته

نظرت الدائرة التجارية الخامسة بالمحكمة التجارية الدعوى رقم 439217174 لعام 1444هـ المقامة من مؤسسة (ممنوح امتياز) ضد شركة (…) للأكلات (…) (مانح الامتياز)، بطلب الحكم بـ بطلان فسخ عقد الامتياز التجاري المبرم بينهما بتاريخ 13/10/2019م، والذي تم فسخه من جانب المدعى عليها بموجب خطاب مؤرخ في 6/9/2021م.
بعد عدة جلسات، واستعراض مذكرات الطرفين، وما طُرح من طلبات صلح ومحاولات تسوية، ركزت المحكمة على إقرار الطرفين بصحة عقد الامتياز وواقعة الفسخ، وتمسّك المدعى عليها بوجود مخالفات تشغيلية واستنادها إلى إنذارات سابقة وإلى المادة (18) من نظام الامتياز التجاري وبنود العقد، في مقابل دفع المدعي بعدم صحة المخالفات، وبأن المدعى عليها لم تسلّم دليل التشغيل، مما يشكل إخلالًا بالتزاماتها النظامية والتعاقدية.
وعند سؤال الدائرة لمانح الامتياز عن تسليم كتيبات التشغيل، أقرّت المدعى عليها في مذكرة رسمية بعدم تسليمها. ورأت المحكمة أن هذا الإقرار يعني مخالفة صريحة للمادة (8) من نظام الامتياز التجاري، وأنه لا يكفي لمشروعية الفسخ الاعتماد على المخالفات المنسوبة للممنوح ما دام مانح الامتياز لم يؤدِ التزامه الجوهري بتسليم دليل التشغيل وتمكين الممنوح من التشغيل وفق النموذج المعتمد.
انتهت الدائرة إلى الحكم بـ بطلان فسخ العقد الصادر من المدعى عليها، وأكدت أن ما توصلت إليه مبني على الأسباب المفصلة في الحيثيات.

بيانات الحكم

  • نوع الدعوى: تجارية – دعوى بطلان فسخ عقد امتياز تجاري.
  • المحكمة: المحكمة التجارية – الدائرة التجارية الخامسة.
  • رقم القضية: 439217174 لعام 1444هـ.
  • موضوع العقد: اتفاقية امتياز تجاري رئيسي لمدة (15) سنة لعلامة تجارية في مجال الأكلات.
  • تاريخ عقد الامتياز: 13/10/2019م (4/2/1441هـ).
  • تاريخ قرار الفسخ: 6/9/2021م.
  • منطوق الحكم: بطلان فسخ العقد الصادر من المدعى عليها لعقد الامتياز المبرم مع المدعي، على النحو الموضّح بأسباب الحكم.

الخاتمة

تؤكد هذه السابقة القضائية أن فسخ عقد الامتياز التجاري في السعودية ليس إجراءً شكليًا يعتمد فقط على توجيه إنذارات بالمخالفات، بل هو إجراء يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالتزام مانح الامتياز بتنفيذ واجباته الجوهرية، وفي مقدمتها تسليم دليل التشغيل وكتيباته وتمكين الممنوح من تشغيل المشروع وفق النموذج المعتمد. فإخلال مانح الامتياز بهذا الالتزام يضعف موقفه عند الفسخ، وقد يؤدي – كما في هذا الحكم – إلى بطلان قرار الفسخ.

ومن منظور عملي، يوجّه المحامي والمحكَّم محمد المزيّن الشركات والمستثمرين إلى ضرورة توثيق تنفيذ الالتزامات من الجانبين، وعدم التسرع في الفسخ أو قبول الفسخ قبل مراجعة الموقف النظامي بدقة، وطلب رأي قانوني متخصص قبل الإقدام على أي خطوة جوهرية كالفسخ أو عدم التجديد، حمايةً للعلامة التجارية وللحقوق المالية والعقدية المرتبطة بها.

مقالات ذات صلة

ملخّص تعريفي

يتناول هذا المقال حكمًا صادرًا عن الدائرة التجارية الخامسة بالمحكمة التجارية في السعودية، قضى بـ بطلان فسخ عقد امتياز تجاري بين مؤسسة تجارية وشركة للأكلات، استنادًا إلى إخلال مانح الامتياز بالتزامه بتسليم دليل التشغيل وفقًا لنظام الامتياز التجاري. يقدّم المحكَّم والمحامي محمد المزيّن من خلال هذا الحكم إرشادات عملية للشركات والمستثمرين حول كيفية صياغة وتنفيذ وفسخ عقود الامتياز بما يتوافق مع الأنظمة السعودية، ويبيّن أن عدم تمكين صاحب الامتياز من كتيبات التشغيل يعرّض قرار الفسخ للبطلان ويستدعي إدارة قانونية وتشغيلية واعية لعقود الامتياز.