ما هي شروط صحة اتفاق التحكيم ؟

يعد التحكيم من أهم الوسائل البديلة لحل النزاعات، وقد اكتسب في السنوات الأخيرة اهتماماً كبيراً نظراً لما يوفره من مرونة وسرعة وكفاءة مقارنة بالأساليب التقليدية لحل المنازعات عبر المحاكم وظهر التحكيم في السعودية بشكل ملحوظ بعد تحديث الإطار القانوني وتنظيمه بما يتماشى مع المعايير الدولية ولكن مع مراعاة الخصوصية التي يتطلبها النظام القانوني الإسلامي.

و يتم التحكيم عبر اتفاق مسبق بين الأطراف المتنازعة على حل أي نزاع قد ينشأ أو إحالة نزاع قائم بالفعل إلى التحكيم ويعرف هذا الاتفاق باسم “اتفاق التحكيم” ويعتبر هذا الاتفاق حجر الزاوية الذي تعتمد عليه عملية التحكيم برمتها حيث يحدد حقوق والتزامات الأطراف ويمنح المحكمين السلطة لحل النزاع.

في هذا المقال سنستعرض مفهوم اتفاق التحكيم، أهميته، شروطه وفقاً لنظام التحكيم السعوى، وكيفية تنفيذه.

 

تعريف اتفاق التحكيم

اتفاق التحكيم يعد عقد قانوني يتفق من خلاله طرفان أو أكثر على إحالة نزاع محدد أو نزاعات محتملة تنشأ بينهما إلى التحكيم بدلاً من اللجوء إلى المحاكم التقليدية و قد يكون هذا الاتفاق مستقلا أو جزءا من عقد رئيسي أكبر يتعلق بالتعاون التجاري أو المدني بين الأطراف و يمكن أن يتم هذا الاتفاق في مرحلتين: 

 

اتفاق تحكيم مسبق:

في هذه الحالة يحدث اتفاق التحكيم قبل نشوء النزاع ويكون عادة جزءً من العقود التجارية أو المدنية.

 

اتفاق تحكيم لاحق:

يتم اتفاق التحكيم بعد نشوء النزاع بين الأطراف ويكون عبارة عن اتفاق جديد يحيل القضية إلى التحكيم.

يعطي هذا الاتفاق للمحكمين سلطة الفصل في النزاع وفقاً للإجراءات والأنظمة المحددة فيه ويجعل الأطراف ملزمين بحكم التحكيم كما لو كان حكماً قضائياً.

 

أهمية اتفاق التحكيم

يمثل اتفاق التحكيم أداة قانونية أساسية في إدارة النزاعات وله العديد من الفوائد التي جعلت منه خياراً شائعاً في العلاقات التجارية والمدنية:

 

  1. المرونة في الإجراءات:

    يمنح اتفاق التحكيم الأطراف حرية اختيار الإجراءات التي تناسبهم مثل اختيار المحكمين، وتحديد مكان التحكيم، والإجراءات التي سيتم اتباعها كما يمكن للأطراف أيضاً الاتفاق على القانون الواجب التطبيق إذا كان النزاع دولي.

  2.  السرعة في حل النزاعات: 

    مقارنة بالمحاكم التقليدية تتميز إجراءات التحكيم بالسرعة في الوصول إلى حلول نهائية وذلك لأنها تطلب التحكيم خوض المراحل القضائية الطويلة التي قد تمتد لأشهر أو سنوات مما يساعد الأطراف في تجنب التأخير والتكاليف العالية المرتبطة بالإجراءات القضائية.

  3. السرية:

    تعد السرية واحدة من السمات البارزة في التحكيم حيث تكون الجلسات مغلقة ولا يفصح عن تفاصيل النزاع أو الحكم إلا بموافقة الأطراف و هذا مفيد بشكل خاص للشركات التي ترغب في حماية أسرارها التجارية والمعلومات الحساسة.

  4.  التخصص والكفاءة: 

    يسمح اتفاق التحكيم للأطراف باختيار محكمين يتمتعون بالخبرة الفنية أو القانونية المناسبة لطبيعة النزاع مما يزيد من احتمالية الحصول على حكم عادل ومتخصص.

في النظام القانوني السعودي يجب أن يستوفي اتفاق التحكيم عدداً من الشروط الأساسية لضمان صحته و إلزاميته، و هذه الشروط تهدف إلى حماية حقوق الأطراف وضمان توافق الاتفاق مع المبادئ الأساسية للشريعة الإسلامية.

 

شروط صحة اتفاق التحكيم

أهم شروط صحة اتفاق التحكيم

أهم شروط صحة اتفاق التحكيم

 

  1. الأهلية القانونية للأطراف:

    يجب أن يكون الأطراف الموقعين على الاتفاق ذوي أهلية قانونية كاملة بمعنى أنهم يتمتعون بالقدرة القانونية اللازمة لإبرام العقود والتصرف في حقوقهم. 

  2.  المشروعية:

    يشترط أن يكون موضوع النزاع مشروعًا أي أن النزاع لا يتعلق بأمور تتعارض مع النظام العام أو الشريعة الإسلامية على سبيل المثال لا يمكن التحكيم في قضايا الأحوال الشخصية أو الحدود الشرعية التي يجب أن تفصل فيها المحاكم.

  3.  الكتابة:

    يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً سواء في عقد منفصل أو كجزء من العقد الرئيسي و هذا الشرط نظامى وضرورى لضمان وضوح الاتفاق بين الأطراف وتحديد الالتزامات الناشئة عنه.

  4.  تحديد نطاق النزاع:

    يجب أن يتضمن الاتفاق وصفاً واضحا للنزاع أو النزاعات التي يمكن أن تكون موضوعًا للتحكيم و هذا يساعد في تجنب أي خلافات لاحقة حول ما إذا كان النزاع يقع ضمن نطاق التحكيم المتفق عليه. 

 

الاستثناءات من إلزامية التحكيم

على الرغم من أن اتفاق التحكيم يلزم الأطراف بحل النزاع عبر التحكيم إلا أن هناك استثناءات في النظام السعودي تتيح للأطراف اللجوء إلى القضاء من بين هذه الاستثناءات: 

 

1- عدم صلاحية المحكمين: (h3)

إذا تبين أن المحكمين غير مؤهلين للنظر في النزاع أو تم اختيارهم بطريقة غير مشروعة.

2- مخالفة النظام العام:

إذا أصدرت هيئة التحكيم حكماً يتعارض مع النظام العام أو الشريعة الإسلامية يمكن للمحكمة رفض تنفيذه.

3- وجود غش أو تلاعب:

إذا كان الحكم مبنياً على أدلة مزورة أو تلاعب في الإجراءات. 

باتفاق التحكيم تمهد الطريق لحل النزاعات بطريقة تتسم بالمرونة والسرعة والكفاءة في السعودية، يعتبر هذا الاتفاق جزءًا أساسيًا من النظام القانوني الذي يهدف إلى تحقيق التوازن بين المرونة التجارية واحترام مبادئ الشريعة الإسلامية سواء كان ذلك في النزاعات المحلية أو الدولية.

إن التحكيم يظل خيارًا فعالا و يوفر للأطراف وسيلة لحل النزاعات بعيداً عن إجراءات المحاكم التقليدية مع ضمان احترام الحقوق والالتزامات وفقاً للنظام السعودي ويعد محمد المزين للمحاماة محامي ومحكم امتياز تجازي من أهم مكاتب المحاماة في السعودية بالتحكيم التجاري، كما يمتلك خبرة كبيرة بالقضايا التجارية.