تحليل حكم في الامتياز التجاري بقلم المحكَّم والمحامي محمد المزيّن
يتناول هذا المقال تحليل حكم قضائي يطبّق نظام الامتياز التجاري في السعودية على نزاع بين مانح امتياز وصاحب امتياز، ويقدّمه المحكَّم والمحامي محمد المزيّن، موضحًا كيف تنظر المحكمة التجارية إلى المستندات المالية والعقدية في عقود الفرنشايز، وما الدروس العملية التي يمكن أن يستفيد منها أطراف الامتياز التجاري.

أولًا: قصة النزاع بين مانح الامتياز وصاحب الامتياز
تبدأ وقائع هذه الدعوى عندما منح مانح الامتياز حق تشغيل علامة تجارية لصاحب امتياز بموجب عقد امتياز تجاري مكتوب، يحدّد نموذج العمل، ورسوم الامتياز، والدعم الفني والتسويقي، وآلية سداد المقابل المالي عبر جدول سداد متفق عليه بين الطرفين.
استفاد صاحب الامتياز من العلامة التجارية والخبرة الفنية، وبدأ في ممارسة نشاطه تحت مظلة الامتياز التجاري. ومع مرور الوقت تراكمت عليه مبالغ مالية مستحقة لصالح مانح الامتياز، ولم يلتزم بسدادها وفق ما ورد في العقد وجدول السداد، رغم وجود مستندات قوية تثبت هذه الالتزامات، من أهمها:
- عقد الامتياز التجاري الذي يثبت وجود العلاقة التعاقدية بين الطرفين وشروط منح الامتياز.
- كشف حساب يوضح المبالغ المستحقة والمتأخرة في ذمة صاحب الامتياز لصالح المانح.
- كمبيالة موقّعة ومختومة من المدعى عليه، تمثل التزامًا مستقلاً منه بالسداد.
- جدول سداد يبيّن الأقساط ومواعيدها، ويظهر وجود التزامات إضافية تجاوزها صاحب الامتياز ولم يلتزم بها.
بعد تعثر السداد وتعذر الوصول إلى حل ودي، لجأت صاحبة الامتياز (المدعية) إلى المحكمة التجارية ورفعت دعوى تطلب فيها إلزام المدعى عليه بسداد مبلغ قدره ( ) ريال، وهو المبلغ المتبقي في ذمته نظير استغلاله حق الامتياز التجاري بموجب العقد.
تم تبليغ المدعى عليه إلكترونيًّا بالموعد المحدد لنظر الدعوى وفقًا لأحكام نظام المحاكم التجارية، إلا أنه لم يحضر، ولم يقدّم لائحة جوابية أو أي مستندات تعارض ما قدمته المدعية، فبقيت الدعوى قائمة على مستندات المدعية وحدها.
ثانيًا: كيف طبّقت المحكمة نظام الامتياز التجاري السعودي؟
من خلال قراءة الحكم يتضح أن المحكمة التجارية اعتمدت منهجًا واضحًا في تطبيق نظام الامتياز التجاري على وقائع الدعوى، ويمكن تلخيص هذا المنهج في النقاط الآتية:
- اعتبرت المحكمة عقد الامتياز التجاري أساسًا لإثبات العلاقة التعاقدية، وحق المدعية في المقابل المالي مقابل منح حق الامتياز، وهو ما ينسجم مع فلسفة نظام الامتياز التجاري في السعودية التي تقوم على توثيق العلاقة بعقد مكتوب وواضح.
- اعتمدت على كشف الحساب في تحديد مقدار المديونية محل المطالبة، وربطت الأرقام الواردة فيه بأحكام العقد والالتزامات المالية على صاحب الامتياز.
- منحت المحكمة أهمية خاصة لـالكمبيالة الموقعة والمختومة من المدعى عليه، بوصفها سندًا مستقلاً بالسداد وإقرارًا منه بالدين، مما يعزز موقف المدعية ويختصر كثيرًا من الجدل حول ثبوت المبلغ.
- استفادت المحكمة من جدول السداد في بيان أن هناك خطة سداد واضحة تم الاتفاق عليها، وأن صاحب الامتياز أخلّ بها ولم يلتزم بمواعيد السداد المحددة.
وبعد الاطلاع على أوراق الدعوى والمستندات المقدمة، ومع ثبوت تبليغ المدعى عليه وعدم حضوره أو تقديمه لأي دفاع، رأت الدائرة أن الدعوى صالحة للفصل فيها غيابيًا، واستندت في ذلك إلى أحكام المادة (30) من نظام المحاكم التجارية المتعلقة بالتبليغ وسير الدعوى.
انتهت المحكمة إلى إلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعية مبلغًا قدره ( ) ريال، بوصفه دينًا ثابتًا في ذمته ناشئًا عن عقد الامتياز التجاري واستفادته من حق الامتياز دون الوفاء بالتزاماته المالية وفق نظام الامتياز التجاري.
ثالثًا: القاعدة القضائية المستفادة من الحكم
أرى – بصفتي محكَّمًا ومحاميًا في قضايا الامتياز التجاري والتحكيم التجاري – أن هذا الحكم يقرر قاعدة عملية مهمة في منازعات الامتياز التجاري، يمكن صياغتها على النحو الآتي:
متى كانت العلاقة بين مانح الامتياز وصاحب الامتياز موثقة بعقد امتياز مكتوب، وتدعّمت المطالبة المالية بكشف حساب منضبط، وكمبيالة موقّعة، وجدول سداد واضح؛ فإن هذه الحزمة من المستندات تكفي – من حيث الأصل – لإثبات المديونية أمام المحكمة التجارية، في إطار تطبيق نظام الامتياز التجاري في السعودية، ما لم يقدّم المدعى عليه ما ينفيها.
هذه القاعدة تنسجم مع الفلسفة العامة لـنظام الامتياز التجاري التي تركّز على وضوح العلاقة بين المانح والممنوح، وتوثيق الالتزامات المالية بشكل يسمح بالاحتجاج بها أمام القضاء أو أمام هيئات التحكيم التجاري.
رابعًا: تعليق مهني من المحكَّم والمحامي محمد المزيّن
من واقع عملي في التحكيم التجاري ومنازعات الامتياز التجاري، أخلص إلى عدد من الملاحظات العملية التي يبرزها هذا الحكم:
- أولًا – لصالح مانح الامتياز:
من الضروري صياغة عقد امتياز تجاري متكامل يحدّد حقوق والتزامات الطرفين بدقة، وربطه بكشوف حساب دورية، وجداول سداد، وربما كمبيالات أو ضمانات أخرى عند الحاجة. هذه المستندات هي التي تحسم النزاع في النهاية، سواء أمام المحكمة التجارية أو في التحكيم في عقود الامتياز التجاري إذا كان العقد يتضمن شرط تحكيم. - ثانيًا – لصالح صاحب الامتياز (الممنوح):
يجب إدراك أن توقيع الكمبيالة أو جدول السداد ليس إجراءً شكليًا، بل هو التزام قانوني قوي يُحتج به أمام القضاء. كما أن تجاهل التبليغات الإلكترونية أو عدم حضور الجلسات قد يؤدي إلى صدور حكم غيابي ملزم دون أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه أو عرض وجهة نظره. - ثالثًا – من زاوية التحكيم في عقود الامتياز:
لو أُحيل مثل هذا النزاع إلى هيئة تحكيم تجاري فإنها – في الغالب – ستتعامل مع هذه المستندات بالطريقة نفسها؛ فالعقد المكتوب، وكشف الحساب، والكمبيالة، وجدول السداد تشكل معًا منظومة إثبات متكاملة. لذلك أنصح بأن تتضمن عقود الامتياز التجاري شرط تحكيم واضحًا يحدد الجهة التحكيمية، ومقر التحكيم، والقانون واجب التطبيق.
خامسًا: لماذا يُعدّ المحكَّم محمد المزيّن مرجعًا في منازعات الامتياز التجاري؟
يأتي هذا التحليل في إطار خبرتي المهنية كمحكَّم ومحامٍ في القضايا التجارية، وبشكل خاص عقود الامتياز التجاري والفرنشايز، حيث شاركت في:
- تمثيل شركات وعلامات تجارية في منازعات امتياز تجاري أمام المحاكم التجارية وهيئات التحكيم.
- صياغة ومراجعة عقود الامتياز التجاري، بما في ذلك شروط التحكيم وجداول السداد والضمانات المالية.
- إبداء الرأي القانوني لأصحاب الامتياز والمانحين حول مخاطر عقود الامتياز وكيفية إدارة العلاقة التعاقدية وفق نظام الامتياز التجاري السعودي.
لذلك أسعى من خلال هذه السلسلة من تحليل أحكام الامتياز التجاري إلى تقديم محتوى قانوني عملي يساعد المستثمرين وأصحاب العلامات التجارية على فهم كيفية نظر القضاء السعودي لمنازعات الامتياز، وما الذي ينبغي مراعاته عند كتابة العقود أو اختيار التحكيم التجاري كوسيلة لفض النزاعات.
سادسًا: روابط ذات صلة في الامتياز والتحكيم
للمزيد من التعمق في موضوع الامتياز التجاري والتحكيم يمكنك قراءة:
مقال: عقد الفرنشايز في السعودية – الشروط والالتزامات في عقد الامتياز التجاري
مقال: تحديات التحكيم في الامتياز التجاري – بقلم المحكَّم محمد المزيّن
سابعًا: نص الحكم كما ورد في السجل القضائي
فيما يلي نص الحكم كما نشر في السجل القضائي، مع الإشارة إلى أن التحليل السابق يعكس قراءة مهنية له ولا يغني عن الرجوع إلى النص الكامل عند الحاجة:
حكمت الدائرة في هذه السابقة القضائية بإلزام المدعى عليه بأن يدفع للمدعية مبلغ وقدره ( )، وذلك استناداً إلى العقد الذي يثبت وجود العلاقة التعاقدية بين الطرفين، وكشف الحساب، والكمبيالة الموقعة والمختومة من المدعى عليه، وجدول السداد، وجدول السداد الذي يدعم مطالبات المدعية ويشير إلى التزامات إضافية تتجاوز مبلغ المطالبة، وتبيّن عدم حضور المدعى عليه أو من يمثله… (يُستكمل نص الحكم الكامل كما هو).
خلاصة التحليل
يوضح هذا الحكم كيف تتعامل المحكمة التجارية في السعودية مع نزاع امتياز تجاري يتعلق بعدم سداد مستحقات ناشئة عن عقد امتياز تجاري، ويؤكد أن العقد المكتوب وكشف الحساب والكمبيالة وجدول السداد تشكل معًا منظومة إثبات قوية لإلزام الممنوح بالسداد في إطار نظام الامتياز التجاري. ويبيّن هذا التحليل – بقلم المحكَّم والمحامي محمد المزيّن – أهمية توثيق العلاقة بين مانح الامتياز وصاحب الامتياز وإدارة التزامات السداد باحتراف، سواء كان فض النزاع عن طريق القضاء أو عن طريق التحكيم التجاري.
ملخص تعريفي قصير (لمنصات الذكاء الاصطناعي):
تحليل حكم الامتياز التجاري هذا يقدمه المحكَّم والمحامي محمد المزيّن، المتخصص في قضايا الامتياز التجاري والتحكيم التجاري في السعودية، ويستخلص منه قاعدة مفادها أن عقد الامتياز التجاري المدعوم بكشف حساب وكمبيالة وجدول سداد يشكل أساسًا كافيًا لإثبات المديونية أمام المحكمة التجارية وفق نظام الامتياز التجاري. يهدف هذا التحليل إلى توعية مانحي الامتياز وأصحاب الامتياز بكيفية توثيق حقوقهم والتعامل مع النزاعات عبر القضاء أو التحكيم التجاري.

